حكاية عن الخارج الثابت، بل تحكي عن معاني تصوّرية مقيّدة. مثلًا: لغلام زيد معنىً تصوّري لا حكاية له عن الخارج، و الحكاية عن ذلك إنّما هي فيما يحكي عن الواقع؛ حكاية تصديقية.
فظهر: أنّ مناط الصدق و الكذب إنّما هو باعتبار مطابقته للواقع و عدمه، لا باعتبار حكايته عن التجزّم. مضافاً إلى أنّ التجزّم و تزريق الجزم لا معنى له؛ لأنّ الجزم من الصفات النفسانية، فإن كانت موجودة فيها فهو، و إلّا فلا يكاد يوجد بصرف اعتبار وجوده فيها.
فتحصّل: أنّ هيئة الجملة الخبرية تحكي عن الثبوت و اللاثبوت- و لو في القضايا المشكوكة- من دون دخالة للتجزّم فيها أصلًا.
نعم، لو أظهر الجملة بصورة الترديد- بأن أوقعها تِلْو أداة الشرط- و قال:
«إن كان زيد عالماً فأكرمه» فيسقط عن الحكاية التصديقية، و يكون مفادها الحكاية التصوّرية، نظير مفاد «غلام زيد»، فتدبّر. هذا كلّه فيما أفاده (قدس سره) في الجمل الخبرية.
و أمّا الذي قاله في الجمل الإنشائية ففيه:
أوّلًا: أنّ معنى علّية لفظ لمعنىً ليس علّة تكوينية نظير علّية النار للإحراق؛ حتّى يقول (قدس سره) بأنّنا لا نتصوّر له معنىً محصّلًا. و لذا قال شيخنا صاحب «الوقاية» (قدس سره):
إنّ إيقاعه خارجاً لو كان فإنّما هو شأن الرمّال.
بل المراد إيجاد أمر اعتباري في دائرة المولوية و العبودية، نظير إغراء الكلاب المعلّمة و الطيور الجارحة إلى المقصود، كما أشرنا آنفاً.
و هذا الكلام من شيخنا العلّامة الحائري (قدس سره) عجيب؛ لأنّه لم يدّع أحد إثبات العلّية الذاتية التكوينية للألفاظ، بل مراد من قال ذلك: هو إيجاد أمر اعتباري في محيط الاعتبار، و هذا لا محذور فيه.