ذاك- أنّها غير مستعملة أصلًا، أو مستعملة في غير ما وضعت له، و الالتزام بكلّ منهما- لا سيّما الأوّل- خلاف الوجدان.
قلت: تحقّق صفة الإرادة- مثلًا- في النفس على قسمين:
فقد تكون لتحقّق مبادئها في متعلّقاتها، كمن اعتقد المنفعة في ضرب زيد؛ فتحقّقت في نفسه إرادته.
و قد يكون من جهة مصلحة في نفسها، لا من جهة متعلّقاتها، بل توجد النفس تلك الصفات من جهة مصلحة في نفسها.
كما نشاهد ذلك القسمين وجداناً في الإرادة التكوينية. و الإرادة التشريعية ليست بأزيد مئونةً منها؛ و ذلك لأنّها قد توجدها النفس لمنفعة فيها، مع القطع بعدم منفعة في متعلّقها، و يترتّب عليها الأثر. مثل إتمام الصلاة من المسافر؛ فإنّه يتوقّف على قصد إقامة عشرة أيّام في بلد، من دون مدخلية لبقائه في ذلك البلد بذلك المقدار وجوداً و عدماً.
و لذا لو بقي في بلد بالمقدار المذكور من دون القصد لا يتمّ، و أمّا لو لم يبق بذلك المقدار و لكن قصد من أوّل الأمر بقاءه بذلك المقدار يتمّ. و مع ذلك يتمشّى قصد البقاء من المكلّف، مع علمه بأنّ ما هو المقصود ليس منشأ للأثر المهمّ، و إنّما يترتّب الأثر على نفس القصد، و منع تمشّي القصد منه- مع هذا الحال- خلاف ما نشاهد من الوجدان، كما هو واضح [1]، انتهى ملخّصاً.
و فيه: أنّه إن قلنا إنّ مناط الصدق و الكذب في الجمل الخبرية هو حكاية الجملة؛ حكاية تصديقيةً عن المعنى و الواقع- أي حكايتها عن الثبوت و اللاثبوت- فالمفردات و المعاني التصوّرية و إن كانت معاني مركّبة إلّا أنّها لا تكون لها