المعنى المنقول إليه- إلى أن يعلم خلافه، و لا يخفى أنّ هذا الجواب جارٍ مجرى الجدل؛ لما عرفت من أنّ بناء العقلاء لم يثبت في صورة العلم بالنقل، و المقدار الثابت من بنائهم
إنّما هو في صورة الشكّ في أصل النقل.
و بالجملة: مع العلم بالنقل و الشكّ في تقدّم النقل على الاستعمال، لا ينعقد للكلام ظهور، فالأصل المذكور لا يوجب انعقاده.
و ثانياً: أنّ قوله (قدس سره): إنّ الوضع السابق حجّة إلى أن يعلم بالوضع الثاني غير ملائم، و الأولى أن يقول: إلى أن يعلم أنّ اللّفظ استعمل في المعنى الثاني؛ لأنّ المفروض أنّا عالمون بالوضع الثاني، فلازم مقاله: هو أن نعلم بالحجّة على خلاف السابق، فتدبّر.
و المحقّق العراقي (قدس سره) تمسّك في صورة من الصور الثلاثة- و هي ما إذا كان تاريخ الاستعمال معلوماً، و كان تاريخ النقل مشكوكاً- بذيل أصالة عدم النقل، و توقّف في الصورتين: و هما ما إذا كان تاريخ الوضع معلوماً دون الاستعمال، أو كلاهما مجهولين.
و حاصل ما أفاده (قدس سره) في ذلك: هو أنّه في صورة العلم بتاريخ الاستعمال و الشكّ بتاريخ النقل، تجري أصالة عدم النقل و استصحابه، و حيث إنّها من الاصول العقلائيّة تثبت اللوازم العقليّة، و لازمه استعمال اللّفظ في المعنى الأوّل المنقول منه، و أمّا عكس هذه الصورة- و هو ما إذا كان تاريخ النقل معلوماً دون الاستعمال- فحيث إنّه لا تجري أصالة عدم الاستعمال؛ لعدم بناء العقلاء عملًا على عدم الاستعمال في هذا المورد، و لا يمكن التمسّك بالأصل الشرعي لكونه مثبتاً، فاللازم حينئذٍ التوقّف، فإنّ ما هو موضوع الأثر غير موجود، و ما هو الموجود غير موضوع الأثر.
و أمّا في صورة كون كلٍّ من تاريخ الاستعمال و النقل مجهولًا ففيها أيضاً التوقّف، و لكن لا لتساقط الأصلين بالمعارضة؛ لأنّ ذلك فيما إذا جرى الأصلان، و ما نحن فيه