إبهامها، فكذلك المبهمات تحتاج إلى ذلك؛ لأنّ اسم الإشارة يحتاج إلى ذكر المشار إليه، و الموصول يحتاج إلى الصلة، و ضمير الغيبة إلى مرجع يرجع إليه.
و أمّا الامور التي تفترق فيها فبيان كلٍّ منها في بحث يختصّ به.
فما يرتبط باسم الإشارة: هو أنّها موضوعة لمعنىً مبهم، قابل للانطباق و الصدق على مورده؛ بجميع ما يشتمل عليه ذلك المورد من الخصوصيّات المفصّلة، و معنى اسم الإشارة مبهم من جميع الجهات، إلّا من ناحية الإشارة، و تكون الإشارة دخيلة فيه نحو دخالةٍ، لا نحو دخالة القيد و التقيّد، أو التقيّد فقط، بل لكون معنى اسم الإشارة لا ينتزع ممّا استعمل فيه إلّا حين اقترانه بالإشارة، فدَخْل الإشارة في معنى الإشارة إنّما هو باعتبار تعيين ذلك المعنى المبهم بها، الموجب لكون الموضوع له حصّة من ذلك المعنى المبهم، و لذا يدلّ اسم الإشارة على الإشارة؛ لأنّ مدلوله هي الحصّة المتعيّنة بالإشارة [1]
. إلى أن قال: إنّ دلالة اسم الإشارة على الإشارة إنّما هي بالالتزام، نحو دلالة لفظ العمى على البصر، فكما أنّ البصر خارج عن معنى لفظ العمى قيداً و تقيّداً، فكذلك ما نحن فيه.
و هذا القول الذي اخترناه جامع بين التبادر و القواعد العربيّة؛ من دون ورود شيء من المحاذير العقليّة [2]
. و فيه أوّلًا: أنّه لو كان الموضوع له في اسم الإشارة معنىً مبهماً ذاتاً و صفةً، فلا يمكن أن يوجد له في الخارج مصداق؛ لأنّ الموجود في الخارج لا بدّ و أن يكون متعيّناً و متشخّصاً، فالفرد المبهم بما هو مبهم لا وجود له في الخارج، و فرق بين الماهيّة المبهمة ذاتاً و صفةً، و بين ماهيّة الإنسان- مثلًا- المعلومة ذاتاً القابلة للصدق على الخارج،