من أيّ أنواع العرض أمر آخر غير مهمّ في المقام [1]
. و فيه مواقع للنظر:
و قبل التعرّض لها ينبغي الإشارة إلى الفرق بين الوجود الرابطي و الوجود الرابط، و هو أنّ العَرَض النسبي: عبارة عن الوجود الرابطي، الذي يقال له أحياناً الوجود المحمولي [2]، و اصطُلح «الوجود الرابطي» لما يقع طرف الربط [3]، مثلًا: البياض وجود رابطيّ محموليّ، و ما يربط البياض إلى زيد- مثلًا- وجود رابط.
و بالجملة: فرق بين الوجود الرابط و بين الوجود الرابطي، فإنّ الأوّل نفس الربط، و الثاني له استقلال في المفهوميّة يقع طرفاً للربط، و يقال: «اللون بياض».
إذا تمهّد لك ما ذكرنا، يتوجّه على ما أتعب فيه نفسه (قدس سره):
أولًا: بأنّ لفظة «من» تدلّ على الوجود الرابط، لا على الوجود الرابطي؛ لأنّه لو دلّت على العرض النسبي و الوجود الرابطي، فلا بدّ و أن يكون معناها مستقلًا بالمفهوميّة و تصحّ أن تقع محمولًا، مع أنّ الوجدان حاكم بخلافه، فإنّه يحكم بأنّ لفظة «من» لها وجود رابط، تربط بين الأشياء، لا وجود رابطيّ، فتدبّر.
و ثانياً: أنّ «زيداً في الدار»- مثلًا- لا يدلّ على المقولة؛ لأنّ لفظتي «زيد» و «الدار» تدلّان على الجوهر، و هو واضح، و لفظة «في» تدلّ على حصول وجوده في الدار، و هذا المعنى هو الوجود الرابط، فلا تكون هذه مقولة؛ لأنّ المقولة- حتّى مقولة الإضافة التي هي أضعف المقولات- وجود رابطيّ مستقلّ بالمفهوميّة، و مقولة «الأين» هي هيئة كون الشيء في المكان، و مقولة «متى» هيئة حصول الشيء في الزمان، و مقولة الوضع هي الهيئة الحاصلة من نسبة الأجزاء بعضها إلى بعض، و من نسبة