و اما اذا كان المشترى عالما بانه مال الغير: فقال فى المختلف: قال علمائنا لم يكن للمشترى الرجوع على الغاصب البائع. لأنّه عالم بالغصب فيكون دافعا للمال بغير عوض.
و اطلقوا القول فى ذلك. و الوجه عندى التفصيل. و هو ان الثمن ان كان موجودا قائما بعينه، كان للمشترى الرجوع به. و ان كان تالفا، فالحق ما قاله علمائنا.
و قال فى التذكرة: «و لو كان عالما لم يرجع بما اغترم، و لا بالثمن، مع علم الغصب مطلقا عند علمائنا. و الاقوى انّ له الرجوع مع بقاء الثمن. لعدم الانتقال». و عن جماعة من الاصحاب نسبة عدم جواز الرجوع إلى الاصحاب على الاطلاق من دون التفصيل.
و اختار جماعة منهم التفصيل الذي اختاره العلّامة، منهم الشهيدان و المحقق الثانى. و قال الشهيد الثانى «ان العلّامة ادعى الاجماع فى التذكرة على عدم الرجوع مع التّلف». و لعلّه مبنى على انّه فهم من نسبته إلى علمائنا الاجماع مع اختياره التفصيل، انّ ذلك فى صورة التلف. فنسب دعوى الاجماع عليه فى صورة التّلف.
و كيف كان، فالاظهر الرجوع، مع بقاء العين. و عدمه، مع التلف. امّا الاول: فلانّ المفروض بطلان البيع لعدم اجازة المالك. و الاصل عدم الانتقال. و استصحاب الملكية.
و قولهم (عليه السلام) «الناس مسلطون على أموالهم»، و لأنّه دفعه اليه عوض شيء لا يسلّم له مجانا، و المفروض عدم ناقل شرعى اخر يوجب الاباحة [او] اللزوم.
و نظر الجماعة فى عدم الرّجوع بما اغترم للمالك، إلى استقرار الضّمان عليه. لأنّ التّلف وقع فى يده فهو غاصب محض. و امّا فى الثمن الذي اداه إلى البائع، فلتسليطه إيّاه على ماله، مع انّه ما ياخذه منه لا يصير عوضا له. فهو تسليط مجانا. فهو بمنزلة الاباحة و قد اتلفه. و لعل نظرهم فى الاطلاق فى صورة بقاء الثمن. إلى انّه من باب الاعراض عن ماله. فيكون موجبا لزوال الملك. و كون الاعراض موجبا لزوال الملك و ان كان لا يخلو من قوّة- نظرا إلى صحيحة عبد اللّٰه بن سنان، فى حكاية الابل الكال فى الصحراء [1]
[1]: الوسائل: ج 17 ص 364، ابواب اللقطة، باب 13 ح 2.