الثالث: مما استدل به على الجواز: أن المتعارف يرون أن من يأتي بالصلاة في الدار المغصوبة- مثلا- مطيعا و عاصيا، و الأدلة الشرعية منزّلة على المتعارف.
و يرد عليه: بأنه صحيح لو لم يقم دليل على الامتناع.
الرابع: أن العبادة التي تعلق بها النهي التنزيهي على أقسام ثلاثة:
الأول: أن يتعلق النهي بالذات و لا بدل لها، كصوم يوم عاشوراء، و النوافل المبتدأة في أوقات خاصة.
الثاني: أن يتعلّق النهي بذات العبادة و لها بدل، كالصلاة في الحمام مثلا.
الثالث: أن لا يتعلّق النهي بالذات بل لخصوصية محفوفة بها، كالصلاة في مواضع التهمة.
أما الأول: فليس النهي لأجل مرجوحية في ذات العبادة حتى ينافي العبادية، بل إنما هو لأجل مصلحة في نفس الترك من حيث هو، فالفعل ذو مصلحة و الترك كذلك أيضا، و تكون مصلحة الترك أرجح، كما في المندوبين المتزاحمين إذا كان أحدهما أرجح من الآخر إلا أنهما بين الفعلين، و المقام بين الفعل و الترك، و لا محذور فيه من عقل أو نقل، لعدم سراية المصلحة التركية إلى ذات العبادة حتى تصير مرجوحة، بل هما ملحوظان مستقلان، كما في المتزاحمين.
و أما الثاني: فمضافا إلى أنه يمكن أن يكون النهي للإرشاد إلى اختيار غيره مما هو أفضل، يجري فيه عين ما تقدم في القسم الأول أيضا.
و أما الأخير: فمضافا إلى ما يجري فيه من الوجهين، أنه يمكن أن يكون النهي فيه عن نفس الخصوصية المحفوفة بالعبادة من دون أن يسري إلى ذات العبادة أبدا.
و بالجملة المغالطة حصلت من التباس النهي في العبادة بالنهي المتعلّق