لا ريب في تحقق الكراهة النفسانية عند النهي عن الشيء، كتحقق الرغبة إليه عند الأمر به، و لكن هل أن المبرز للكراهة النفسانية طلب الترك، أو طلب كفّ المكلف نفسه عن الشيء، أو ردع المكلف و زجره و إيقافه، كما أن الأمر هو تحريضه و حمله عليه؟
و الحق هو الأخير، لأن الزجر عن المكروه إما خارجي، أو اعتباري، و الأول إما حبس أو ضرب أو نحو ذلك، و يعبّر عن الثاني بالنهي في متعارف الناس، و الأدلة الشرعية منزلة عليه بلا التباس، و يمكن إرجاع الأولين إليه أيضا، لأن من اللوازم العرفية للردع و الإيقاف الاعتباري، طلب الترك و طلب كف النفس.
و ما يتوهم: من أن الطلب وجودي و الترك عدمي، فلا يصح تعلّقه به.
مردود: بأن الترك ليس من العدم المطلق، بل هو من المضاف الذي يصح تعلق الطلب به، بل هو عبارة اخرى عن الكف عرفا، و إن كان بينهما فرق دقة.
ثم إن النهي متعلق بالطبيعة، كالأوامر، و من اللوازم العرفية لتعلّق النهي بالطبيعة الفورية و الاستمرار بالنسبة إلى الأفراد الدفعية و التدريجية، لأن معنى الردع عن الطبيعة إعدامها بالمرة، فتكون الفورية و الاستمرار من المداليل