فتارة: هو الحضور الواقعي الإحاطي من كل جهة، كحضور الأشياء لدى اللّه عزّ و جل.
و أخرى: هو الحضور الاعتقادي، كحضور المعبود لدى العابد، و هو في المعبود الواقعي حضور واقعي أيضا.
و ثالثة: خارجي شخصي، كقولك لغريمك: أعطني ما أطلبك.
و رابعة: خارجي مرآتي، كقولك: يا بني صلّ، و أطع اللّه تعالى و خالف الشيطان، و نحو ذلك.
و خامسة: فرضي اعتباري، كتكلم العاشق مع المعشوق في غيبته، و كتكلم من يتمرن درسا يريد أن يدرّسه بعد ذلك في مجمع من الطلاب.
فيكفي في صحة التخاطب مطلق الحضور بأي وجه صحيح، و يمكن أن تكون الخطابات الشرعية بلحاظ حضور الامة حضورا اعتباريا لدى الصادع بالشريعة المقدسة، فلا ثمرة لهذا البحث من هذه الجهة أيضا.
الثالثة: من ناحية البعث و الزجر، فالبعث و الزجر إتمام للبيان من طرف المولى لأجل إمكان الانبعاث من البعث، و الانزجار من الزجر. و لا فرق فيه بين الحاضر و الغائب و المعدوم، لصحة إمكان الانبعاث و الانزجار بالنسبة إليهما أيضا.
نعم، لو كان المراد بالانبعاث و الانزجار الفعليان منهما من كل جهة، لا يصح بالنسبة إلى الغائب و المعدوم، بل و لا أثر بالنسبة إلى الحاضر أيضا ما لم تتحقق جميع شرائط الفعلية، فهذا البحث كسابقيه في انتفاء الثمرة من هذه الجهة أيضا، فيصح نفي الثمرة لهذا البحث أصلا من هذه الجهات.
و أما ما ذكر له من الثمرة من حجية الظواهر بالنسبة إلى الغائبين و المعدومين، و صحة التمسك بالإطلاقات بناء على الشمول.