و قد يقال: بأن المقصود من كلمة التوحيد الإقرار بوجود اللّه تعالى و تحقق فعليته من كل جهة، و نفي الشريك له تعالى. فإن قدّر خبر (لا) النافية ممكن، يكون المعنى: لا إله ممكن إلا اللّه، فهو ممكن و يثبت الإمكان بالنسبة إليه تعالى، و هو أعم من الوجود الفعلي، إذ لا يلزم أن يكون كل ممكن موجودا. و إن قدّر موجود فيكون المعنى: لا إله موجود إلا اللّه فهو موجود، فهو و إن دلّ على الفعلية و الوجود و لكن لا يدل على امتناع الشريك له تعالى، لأن نفي الوجود أعم من الامتناع إذ ليس كل معدوم ممتنعا.
نقول .. أولا: أن كلمة (لا) تامة لا تحتاج إلى الخبر مثل ليس التامة، فالمعنى أنه لا تحقق للمعبود بالذات إلّا اللّه تعالى، و هو ظاهر في وجوده و امتناع معبود آخر غيره عزّ و جلّ.
و ثانيا: يصح تقدير الخبر لفظ الممكن و لا يلزم المحذور، لما ثبت في محله من أن كل ما كان من المعاني الكمالية ممكنا بالنسبة إليه تعالى و لم يكن مستلزما للنقص، فهو واجب بالنسبة إليه، فقولك: لا إله ممكن إلا اللّه فهو ممكن، أي واجب، كما برهن عليه. قال الحكيم السبزواري:
إذ الوجود كان واجبا فهو* * * و مع الإمكان قد استلزمه
و قس عليه كلما ليس امتنع* * * بلا تجشم على الكون وقع
و ثالثا: يصح تقدير الخبر لفظ الموجود، و يكون نفي الوجود عن جنس الواجب بالذات أو المستحق للعبادة ذاتا ملازما لامتناعه، لأنه لو كان ممكنا لتحقق.
ثم إن لفظ (إنما) يدل على الحصر و الاختصاص، لتبادر ذلك منه عند عرف أهل المحاورة ما لم تكن قرينة على الخلاف.
و كذا لفظ (بل) الإضرابية المستعملة في الجملة المنفية مع كون الإضراب