و فيه أوّلًا: أنّ ذلك خروج عن محطّ البحث؛ لأنّ الكلام في المقام هو ما لو دار الأمر بين النسخ و التخصيص و عدم ما يعيّن أحدهما في الخارج، و ما ذكر من تقديم التخصيص إنّما هو بملاحظة العلم الإجمالي، لا لمجرّد الدوران [1].
و ثانياً: أنّه قد تقدّم في مسألة الأقلّ و الأكثر: أنّ العلم التفصيلي المتقوّم بالعلم الإجمالي و المتولّد منه، لا يصلح أن ينحلّ به العلم الإجمالي المذكور.
و الحاصل: أنّ العلمَ التفصيلي بخروج الفسّاق منذ صدور الخاصّ، أحدُ طرفي الترديد في العلم الإجمالي، فلا يعقل إيجابه انحلاله.
و ثالثاً: المعلوم بالتفصيل إنّما هو أصل خروج الفسّاق من زمان صدور الخاصّ المردّد بين كونه نسخاً أو تخصيصاً، و هو لا يوجب انحلال العلم الإجمالي إمّا بالخروج نسخاً أو تخصيصاً، إذ لا يتعيّن به أنّ خروجه بالنسخ.
هذا كلّه بناءً على استفادة استمرار حكم العامّ من الإطلاق.
و أمّا بناءً على استفادته من نفس العامّ- بدلالة لفظيّة بنحو القضيّة الحقيقيّة- فالأمر فيه دائر بين تخصيصين: أحدهما تخصيص عمومه الأفرادي، الثاني تخصيص عمومه الأزماني و في عمود الزمان، و لكن المخرَج بالأوّل أكثر منه في الثاني، فهو دائر بين الأقلّ و الأكثر، و الأقلّ معلوم الخروج تفصيلًا- أي خروجه من حين صدور الخاصّ- و الأكثر مشكوك الخروج، فيحكم عليه بحكم العامّ، فينتج تقديم النسخ على التخصيص.
و أمّا بناءً على استفادة الاستمرار من دليل خارجيٍّ، مثل
(حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة)
و نحوه، فالكلام فيه مبنيّ على الاختلاف في إفادة المفرد المضافِ العمومَ و عدمها، فإن قلنا: إنّه يفيد العموم، فمرجعه إلى دوران الأمر فيه بين تخصيص
[1]- لا يخفى أنّ الدوران لا يتحقّق إلّا مع العلم الإجمالي؛ ضرورة عدم تصوّر الدوران بينهما إلّا به، فمع انحلاله ينتج ما ذكر. [المقرّر حفظه اللَّه].