و بالجملة: لا إشكال في أنّه (صلى الله عليه و آله و سلم) بيّن جميع الأحكام، و حفظها عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و ضبطها، و لكن الناس منعوه (عليه السلام) أن يبيّنها لهم، و قالوا: حسبنا كتاب اللَّه، و كذلك ابنه الحسن بن عليّ (عليه السلام) ... و هكذا إلى أن وقعت الفرصة في زمن الصادقين (عليهما السلام)، فبيّنا (عليهما السلام) تلك الأحكام الكثيرة التي بأيدينا.
و وجه آخر: و هو أنّ الأئمّة (عليهم السلام) كانوا يفهمون من ألفاظ الكتاب و السُّنّة ما لا يفهمه غيرهم، مثل استدلال الإمام أبي جعفر (عليه السلام) لزرارة على أنّ مسح الرأس في بعضه لا جميعه؛ لمكان الباء [3]، و لذا أمر رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) بالتمسّك بهم و الرجوع إليهم (عليهم السلام) في الأحكام باعتراف العامّة؛ لرواية الثقلين المتواترة في طرق الفريقين [4]، و في بعض رواياتهم (عليهم السلام): أنّه يُفتح منه ألف باب من العلم و من كلّ باب ألف باب منه، و يؤيّده أيضاً أنّه كان الإمام الصادق و الباقر (عليهما السلام) يقولان: قال رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم)، مع عدم دركهما له (صلى الله عليه و آله و سلم).
وجوه دوران الأمر بين النسخ و التخصيص
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى الكلام في دوران الأمر بين النسخ و التخصيص، و هو يتصوّر على وجوه: