العنوان- أي الخبرين المتنافيين- على العرف، و ملاحظة أنّه في أيّ مورد يصدق عليه هذا العنوان، و أيّ مورد لا يصدق فيه. و هذا ممّا لا إشكال فيه.
و لا إشكال أيضاً في أنّ الموجبة الجزئيّة و السالبة الكلّيّة متنافيتان، و كذلك الموجبة الكلّيّة و السالبة الجزئيّة، كما قُرّر ذلك في المنطق [1]، و مع ذلك لا يعدّ العامّ و الخاصّ المطلقان- الواردان في الكتاب و السُّنّة- و المطلق و المقيّد متنافيين بلا إشكال، و لهذا لم يعترض بذلك أحد، مع أنّه قال تعالى: «وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»[2] و أنّ هذا هو الاختلاف.
لزوم فرض التعارض في محيط التشريع
و السرّ في ذلك: هو أنّه فرق بين مقام جعل القوانين و الأحكام الكلّيّة و بين المتكلّمين و المصنّفين في الأحكام الفرعيّة، فإنّه لا ريب في تناقض العامّ و الخاصّ المتنافيين في الثاني، كما لو قيل في موضع من كتاب: «كلّ ما يُضمن بصحيحه يُضمن بفاسده»، و قيل في موضع آخر منه: «إنّ المعاملة الكذائيّة تُضمن بصحيحها دون فاسدها»، فإنّه يعدّ ذلك تناقضاً، و لا يجمع بينهما بالتخصيص، بخلاف المتكلّم في المقام الأوّل- أي محيط التقنين و جعل الأحكام الكلّيّة- سواء كان الجاعل هو اللَّه عزّ و جلّ، أم غيره من الموالي العرفيّة، أو النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) و الأئمّة (عليهم السلام)، فإنّ المتعارف في ذلك المقام هو جعل القوانين الكلّيّة ابتداءً، ثمّ بيان المخصِّصات و المقيّدات، و حيث إنّ ذلك متعارف بين جميع المقنّنين من الموالي الحقيقيّة و العرفيّة، لا يعدّ ذلك تناقضاً و تنافياً.
[1]- شرح الإشارات 1: 181، شرح المطالع: 166- 167، حاشية ملّا عبد اللَّه: 93، شرح الشمسية: 114.