الشكّ المسبّبي، و هما في رتبة واحدة لا تقدّم لأحدهما على الآخر، و ليس التعارض بين حكمي الشكّ السببي و المسبّبي، ففي مورد التعارض و محلّه- و هو المرتبة الثالثة- لا اختلاف في الرتبة، و في مورد الاختلاف في الرتبة و محلّه- أي حكم الشكّ السببي و حكم الشكّ المسبّبي- لا تعارض؛ لما عرفت من عدم التعارض بينهما.
فالحقّ في وجه تقديم الاستصحاب في الشكّ السببي على المسبّبي: هو ما ذكرناه: من أنّه منقِّح لموضوع دليل اجتهاديّ هو حاكم على الاستصحاب في المسبّب.
و يظهر به أمران:
الأمر الأوّل: الإشكال على ما ذكروه في وجه طهارة الملاقي لبعض أطراف العلم الإجمالي بنجاسة بعض أطرافه: من أنّ الشكّ في طهارة الملاقي- بالكسر- و إن كان مسبَّباً و ناشئاً عن الشكّ في أنّ النجس هو هذا الطرف الملاقى- بالفتح- أو الطرف الآخر، لكن حيث إنّ الأصل في جانب السبب- أي الملاقى بالفتح- ساقطٌ؛ لابتلائه بالمعارضة معه في الجانب الآخر، فلا مانع من جريانه في المسبّب؛ أي الملاقي بالكسر [1].
وجه الإشكال ما عرفت: من أنّ الأصل في جانب السبب إنّما يجري إذا كان هناك دليل اجتهاديّ ينقَّح موضوعه بهذا الأصل، و يكون هذا الدليل الاجتهادي حاكماً على الأصل المسبّبي، و ليس في المقام كبرى كلّيّة في الأدلّة الشرعيّة كذلك؛ إذ لم يرد فيها: أنّ كلّ ما لاقى طاهراً فهو طاهر؛ لينقّح بالاستصحاب في السبب موضوعها، و إنّما هو حكم عقليّ منشؤه حكم الشرع: بأنّ كلّ ما لاقى نجساً فهو نجس، و مع عدم وجود كبرى كلّيّة شرعيّة كذلك، لا يجري الأصل في جانب السبب- أي الملاقى بالفتح- لا أنّه يجري، و يسقط بالمعارضة.