أمّا الموضع الأوّل: فالكلام فيه متمحّض في خصوص السببيّة الشرعيّة، و يظهر منه حكم بقيّة الأقسام:
فنقول: إذا كان الشكّ في مورد أحد الاستصحابين ناشئاً عن الشكّ في الآخر؛ لسببيّة شرعيّة محقّقة أو محتملة، كما إذا غسل الثوب النجس بالماء المشكوك كرّيّته مع سبق الكرّيّة، فإنّ الشكّ في بقاء نجاسة الثوب المذكور، مسبّب عن الشكّ في بقاء كرّيّته، التي جعلها الشارع سبباً لطهارة المغسول به، فلا إشكال في تقدّم الاستصحاب السببي على المسبّبي، و إنّما الإشكال في وجه التقديم؛ لاختلاف أنظار الأعلام فيه [1].
المناط في تقديم الأصل السببي على المسبّبي
و التحقيق- كما أشرنا إليه سابقاً- هو أنّه ليس معنى الاستصحابات الموضوعيّة هو الحكم بترتيب الآثار، كما أفاده بعضهم [2]، بل ليس مفادها إلّا التعبّد ببقاء المتيقّن سابقاً، كما في الاستصحابات الحكميّة، فمعنى استصحاب العدالة هو الحكم ببقائها تعبّداً، و ينقّح به موضوع الأدلّة الاجتهاديّة المثبتة للتكاليف على عنوان العادل، كالدليل الاجتهادي الدالّ على جواز الطلاق عنده، و به ينقَّح موضوع هذا الدليل، فهو حاكم على الدليل الاجتهادي؛ لعدم تعرّض هذا الدليل الاجتهادي لموضوع نفسه، و تعرُّض الاستصحاب لذلك، كما أنّ مفاد استصحاب العدم على القول به إعدام