آدم [1] و أمثالهم، المستفاد منها إيجاب العمل بقولهم و أخبارهم، فتنزع من هذا الإيجاب الشرعي الحجّيّةُ و الوسطيّة، و لا يكفي في المقام إثبات جعل الوسطيّة و الطريقيّة ما لم يدلّ الدليل على وقوعه في الشريعة المقدّسة.
و ثالثاً: سلّمنا ذلك، لكن إشكال «ابن قِبة»- و هو لزوم تحليل الحرام و تحريم الحلال- باقٍ بحاله، و لا يُدفع بذلك؛ لما ذكرنا في تقريب الإشكال: من أنّ جعل حجّيّة الخبر الذي قد يؤدّي إلى مخالفة الواقع، يُضادّ الحكم الواقعي.
و أمّا ما ذكره: من قياس الأمارات بالعلم، ففيه: أنّ طريقيّة العلم و العمل على طبقه تكوينيّةٌ، ليست بجعل الشارع حتّى يلزم التضادّ في صورة المخالفة، بخلاف الأمارات لو قلنا بأنّها مجعولة أو أذِنَ الشارع في العمل بها.
ثمّ إنّه (قدس سره) قال: و أمّا الاصول المُحرِزة: فالأمر فيها أشكل من الأمارات، فإنّها فاقدة للطريقيّة؛ لأخذ الشكّ في موضوعها، و الشكّ ليس فيه جهة إراءة و كشف عن الواقع؛ حتّى يقال: إنّ المجعول فيها هو تتميم الكشف، فلا بدّ أن يكون في مواردها حكم شرعي مجعول، فيلزم التضادّ بينه و بين الحكم الواقعي في صورة مخالفة الأصل للواقع، و لكن الخطب في الاصول التنزيليّة سهل؛ لأنّ المجعول فيها هو البناء العملي على أحد طرفي الشكّ على أنّه هو الواقع، و إلغاء الطرف الآخر و جعله كالعدم، فالمجعول فيها ليس أمراً مغايراً للواقع، كما يُرشد إليه ما في بعض الأخبار الواردة في قاعدة التجاوز كقوله (عليه السلام):
(بلى قد ركعت)
[2]، فلو كان الواقع هو المؤدّى فهو، و إلّا فالجري العملي واقع في غير محلّه من دون أن يتعلّق بالمؤدّى حكم على خلاف ما هو عليه.
[1]- اختيار معرفة الرجال 2: 858/ 1112، وسائل الشيعة 18: 106، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 27.
[2]- تهذيب الأحكام 2: 151/ 592، وسائل الشيعة 4: 936، كتاب الصلاة، أبواب الركوع، الباب 13، الحديث 3.