فتلخّص: أنّ الإشكال لا يختصّ بحال الانفتاح، بل يرد حال الانسداد أيضاً.
و أجاب بعض المتأخّرين عن استدلاله: بأنّ الشارع حيث يرى الواقع، و ينكشف لديه، و يرى أنّ الأمارات إمّا أغلب مصادفة للواقع من العلوم الحاصلة للمكلّف للواقع- لأجل أنّ أكثرها في نظره جهل مركّب- أو مساوية لها، فتعبّدنا بها، و لا يلزم منه- حينئذٍ- المحذور المذكور [1].
أقول: و يرد عليه: أنّه إن أراد ذلك في حال الانفتاح، و أراد من العلوم التي تكون الأمارات عنده أغلب مصادفةً للواقع منها أو مساوياً لها العلومُ التفصيليّة فقط، فلا ريب أنّه غير صحيح؛ لأنّ الأمارات- حينئذٍ- ليست أقرب إلى الواقع من العلم الحاصل للمكلّف من جواب الإمام (عليه السلام) على سؤاله و لا مساوياً له بالضرورة، فإنّ المفروض أنّ المكلَّف متمكِّن من السؤال عن الإمام عن الأحكام الواقعيّة، و يمكن له تحصيل القطع بذلك، بخلاف التعبّد بالأمارات؛ بأن يعتمد على قول زُرارة و محمّد بن مسلم- مثلًا- فإنّه يُحتمل فيه من الخطاء و الاشتباه ما لا يُحتمل ذلك من السماع من الإمام (عليه السلام).
و إن أراد ذلك حال الانسداد: فإن أراد من العلم المذكور خصوص العلم التفصيلي فلا ريب في نُدرته جدّاً.
و إن أراد الأعمّ منه و من الإجمالي، فلا ريب في أنّ الاحتياط بالإتيان بأطرافه أقرب إلى الواقع من الأمارات، و على تقدير عدم إمكان الاحتياط التامّ فلا أقلّ من إمكان الاحتياط الناقص؛ أي بما أمكن من العمل بالمظنونات و المشكوكات و ترك الموهومات؛ فإنّ ذلك أقرب إلى الواقع- أيضاً- من التعبّد بخصوص المظنونات، كما لا يخفى، فيلزم من التعبّد بالأمارات الإلقاء في المفسدة و خلاف