للحكم الواقعي- اجتماعُ المِثْلين، و في جعل حكمٍ مضادٍّ له اجتماعُ الضدّين، و هما ممتنعان ذاتاً.
و أمّا ما ذكره المحقّق العراقي (قدس سره) من استلزام جعلها و التعبّد بها لاجتماع المِثلين أو الضدّين، فالامتناع وقوعيّ، و هو ما يلزم من وقوعه محال [1]، فهو إنّما يصحّ لو قلنا بجعل الحجّيّة في الأمارات، و إلّا فبناء على القول بجعل المؤدّى فالامتناع ذاتيّ.
و بالجملة: لو قلنا بجعل المؤدّى في اعتبار الأمارات، فالإمكان ذاتيّ في مقابل الامتناع الذاتي، و لو قلنا بجعل الحجّيّة و استلزام هذا الجعل لجعل حكمٍ مُماثلٍ أو مضادٍّ، فالإمكان وقوعيّ في قبال الامتناع الوقوعي.
و يمكن أن يراد بالإمكان الاحتمالُ العقلي؛ أي احتمال الإمكان و الامتناع، و هو المراد من الإمكان فيما ذكره الشيخ الرئيس: كلُّ ما قرع سمعك من غرائب الأوهام فذرْهُ في بُقعة الإمكان حتّى يذدك عنه قائم البرهان [2].
فإنّ مراده: أنّه لا تحكم بامتناع شيء، و لا تبادر إلى إنكاره إذا سمعته و لا بإمكانه، حتّى يقوم البرهان على أحد الطرفين: الإمكان أو الامتناع.
إذا عرفت هذا فاعلم: أنّه إن اريد من الإمكان أحد المعنيين الأوّلين- أي الإمكان الذاتي و الوقوعي- فلا بدّ من إقامة الدليل و البرهان عليه، و لا يكفي مجرّد إبطال ما تمسّك به القائل بالامتناع.
و إن اريد منه المعنى الثالث- و هو احتمال الإمكان و الامتناع- فيكفي فيه إثبات بطلان ما تمسّك به القائل بالامتناع و بطلان دليله، و لا يفتقر إلى إثباته و إقامة الدليل و البرهان عليه.