الأفعال الاختياريّة للنفس؛ بحيث تتمكّن من إيجادها و إيجاد ما يضادّها؛ بأن تنقاد و تعتقد وجوب ما علمت حرمته أو بالعكس، أو أنّ ذلك ليس من أفعالها الاختياريّة، بل تدور مدار مباديها الكامنة في النفس وجوداً و عدماً، نظير الخوف و الرجاء و نحوهما؟
فذهب سيّد مشايخنا- السيّد علي الفشاركي- إلى إمكان ذلك، و حاصل ما استدلّ به على ذلك:
هو أنّه كما يمكن التجزُّم الذي هو المناط في كذب القضايا- كما أنّ المناط في الصدق الجزم بما أخبر به- فكذلك الالتزام و الانقياد بما ليس مأموراً به- مثلًا- فكما يمكن تكلُّف الجزم بشيء مع عدمه، فكذلك فيما نحن فيه [1]. انتهى.
و فيه: أنّ هذا أوّل الكلام، و ليس المناط في صدق القضايا و كذبها الجزم و التجزّم، بل المناط فيهما إلقاء المخاطب فيما هو الواقع أو خلافه، مع استعمال مفردات القضيّة في معناها الحقيقي، و لذا لو أخبره بنحو الاحتمال و الترديد لم يكن كذباً؛ لأنّه لم يُلقِهِ و لم يُوقعه في خلاف الواقع.
و استدلّ بعض المحقّقين من المحشّين- الشيخ محمد حسين الأصفهاني (قدس سره)- على ذلك بما حاصله:
أنّ الالتزام الباطني ليس من مقولة الكيف النفساني؛ لأنّ المفروض أنّه من أفعال النفس، و لا من مقولة الفعل؛ لأنّها عبارة عن الحالة الحاصلة للشيء عند تأثيره التدريجي في غيره، كالتسخين للنار، في قبال الحالة الحاصلة من التأثّر التدريجي، و الالتزام الباطني ليس كذلك؛ لأنّه ليس هنا شيئان لأحدهما حالة التأثير التدريجي و للآخر حالة التأثر التدريجي، بل الفعل القلبي ضرب من الوجود النوري، و الوجود في مقابل المقولات، و هذا الفعل قائم بالنفس قياماً صدوريّاً.