و الكراهة في الآخر و إن تصادقا في بعض المصاديق، و يصير ذا مفسدة و مصلحة باعتبار العنوانين.
و أمّا الإشكال: بأنّه أمر بالمحال، فيدفعه: بأنّ كلّ واحد منهما في نفسه ممكن، فهو ليس كالأمر بالطيران إلى السماء؛ كي يقال: إنّه ممتنع. نعم قد يتّفق عدم إمكان امتثالهما في صورة التصادق على واحد، لكنّه- حينئذٍ- مثل باب التزاحم، فيجب الأخذ بالأهمّ، و مع عدمه فالتخيير.
نعم الإشكال وارد فيما إذا اخذ الظنّ جزء الموضوع؛ بأن يجعل الموضوع هو الظنّ بالخمريّة مع كونه خمراً في الواقع، فإنّه- حينئذٍ- لا يمكن أن يكون حكمُ الخمرِ الحرمةَ و حكمُ المظنونِ الخمريّةِ الحلّيّةَ، أو حرمةً اخرى؛ لعدم إمكان تعلُّق حكمين مشتملين على مصلحتين أو مصلحة و مفسدة: أحدهما متعلّق بالطبيعة، و الثاني بالطبيعة المقيَّدة، كما تقدّم نظيره في القطع.
ثمّ إنّه فصّل المحقّق الميرزا النائيني (قدس سره) بين الظنّ المعتبر و الغير المعتبر، و أنّه لا يمكن أن يؤخذ الظنّ المعتبر موضوعاً لحكم مماثل لحكم متعلَّقه، و إمكانه في الظنّ الغير المعتبر بعد اشتراكهما في عدم إمكان أخذه موضوعاً لما يضادّ حكم متعلّقه.
و ملخّص ما ذكره في بيان ذلك: هو أنّه لو لم يكن الظنّ حجّة شرعيّة فلا مانع من أخذه موضوعاً لما يُماثل حكم متعلّقه، غاية الأمر أنّه في صورة مصادفة الظنّ يتأكّد الحكمان، و يتولّد منهما حكم آكد، كما هو الشأن في اجتماع عنوانين على موضوع واحد، بخلاف الظنّ الذي هو حجّة شرعيّة، فإنّه لا يمكن ذلك لوجهين:
الأوّل: فلأنّ الواقع في طريق إحراز الشيء ليس من طوارئ ذلك الشيء، فإذا كان حكم الخمر في الواقع الحرمة، فلا يمكن أن يوجب إحراز تلك الحرمة