و على فرض قيام الدليل الشرعي التأسيسي على حجّيّة الأمارات- كما ربما يظهر ذلك أيضاً منه (قدس سره)- فلا فرق أيضاً بين الصورتين.
فالحقّ: أنّ الاحتياط حسنٌ مطلقاً و على كلّ حال، و أنّ عمل تارك طريقي الاجتهاد و التقليد صحيح إذا احتاط فيه.
المقام الثاني في شروط البراءة العقليّة و النقليّة
و الكلام في ذلك يقع في مواضع:
الموضع الأوّل: في شروط جريان البراءة العقليّة
و لا إشكال في اعتبار الفحص عن الأدلّة- بما سيجيء من بيان مقداره- و عدمِ الظفر بما يصلح دليلًا على الحكم في جريانها، فلا مجال لجريانها بمجرّد الشكّ في التكليف، مثل وجوب صلاة الجمعة و نحوها قبل الفحص عنها؛ لأنّ موضوع البراءة العقليّة هو عدم البيان، و المراد به البيان الواصل، لا الوصول إلى كلّ واحدٍ من المكلّفين بطرق غير متعارفة، بل المراد وصوله بطريق متعارف بين العقلاء، و هو يختلف باختلاف الموارد و الأزمنة، و المراد به في مثل زماننا هذا إلى يوم القيامة، هو بيان الأحكام الشرعيّة الكلّيّة القانونيّة لجميع المكلّفين، و كيفيّة بيانها هو بيانها من النبيّ الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) لأصحابه بمقدارٍ يمكنه (صلى الله عليه و آله و سلم)، و كذلك الأئمّة المعصومون (صلوات اللَّه عليهم أجمعين) لأصحابهم و ضبط الأصحاب لها في كتبهم و بيانهم لأصحابهم الذين من بعدهم (عليهم السلام)، و إيصالها يداً بيد و صدراً بصدر إلى يوم الدين، فالوصول بالنسبة إلينا هو ذكرها في القرآن المجيد و ضبطها في كتب الأخبار و الأحاديث، فلا بدّ من الرجوع إليها، و بدون ذلك لا يصدق عدم الوصول، و لا تجري