و العجز في واقعتين- فإنّه في أوّل الوقت شاكٌّ في توجّه التكليف بالباقي بعد العجز عن الصلاة التامّة؛ لأنّ لكلّ وقت من الأوقات الخمسة و كذلك لكلّ يوم تكليفاً خاصّاً مستقلّاً.
و هذا ممّا لا كلام فيه.
و إنّما الكلام في القسم الثاني، و هو المفروض تمكّنه في ابتداء الظهر- مثلًا- على الإتيان بالصلاة التامّة الأجزاء و الشرائط، ثمّ طرأ العجز عن بعض الأجزاء و الشرائط، و الحقّ فيه أيضاً البراءة؛ و ذلك فإنّ المكلّف و إن كان عالماً بتوجّه التكليف بالتامّ في أوّل الوقت المفروض تمكّنه فيه منه، و يعلم بعدمه عند العجز و عدم القدرة، و لكنّه يشكّ في توجّه التكليف بالناقص عند العجز، و لا يعلم به مع علمه بعدم تكليفه بالتامّ للعجز، و يشكّ في تكليفه بالناقص عند العجز، و هو مجرى البراءة.
و لكن قد يقال: إنّ هذا الفرض بمنزلة الشكّ في القدرة، فكما يجب الاحتياط في صورة الشكّ في القدرة على الامتثال مع العلم بالتكليف، فكذلك في ما نحن فيه.
و يدفعه: أنّ ما نحن فيه عكس ذلك؛ لأنّ في صورة الشكّ في القدرة يعلم بالتكليف، كالتكليف بإنقاذ الغريق، و يشكّ في القدرة على الامتثال، و العقل يحكم فيه بوجوب الاحتياط فيه و الاختبار، بخلاف ما نحن فيه، فإنّ العجز و عدم القدرة على امتثال التكليف بالتامّ معلوم، و يشكّ في التكليف بالناقص المقدور، و أنّه غير معلوم.
و أمّا ما أفاده في «الدرر» في وجه وجوب الإتيان بالناقص: من أنّه يعلم بتوجّه التكليف إليه، فإن لم يأتِ بالناقص المقدور لزم المخالفة القطعيّة [1].
ففيه: أنّه إن أراد بالتكليف المعلوم: هو التكليف بالتامّ في صورة القدرة عليه