فما ذكره العراقي (قدس سره) في الجواب عن الإشكال الذي أورده على نفسه من التفصيل- و اعترافه بورود الإشكال و جريان البراءة فيما إذا قلنا: بأنّ للمأمور به أعداماً متعدّدة حسب تعدُّد أسبابها، بخلاف ما لو قلنا: بأنّه ليس للعنوان الواحد إلّا عدمٌ واحد، فإنّ الحجّة قائمة عليه [1]- غير مستقيم؛ لما عرفت من قيام الحجّة على كلّ واحدٍ من تلك الأعدام، و هي الأمر المتعلّق بالعنوان المقتضي للنهي عن ضدّه و إعدامه، التابع للأمر المذكور، و ليست النواهي المتعلّقة بأضداده حجج مستقلّة، و على فرض تسليم أنّها حجج، و قلنا: بالبراءة فيها لأجل دوران الأمر فيها بين الأقلّ و الأكثر، لكن الأمر المتعلّق بالعنوان حجّة عليه، و لا بدّ من امتثاله، و لا يحصل العلم به إلّا بإتيان الأكثر، و لا يصحّ رفع اليد عنه لأجل دوران النواهي و الأعدام بين الأقلّ و الأكثر؛ لعدم قصوره في إيجابه لإيجاد المأمور به.
هذا كلّه في الأسباب و المسبّبات العقليّة و العاديّة.
و أمّا الأسباب و المسبّبات الشرعيّة: فقبل الشروع في البحث عنها نقدّم أمراً:
و هو أنّه لا ريب في أنّه لا دَخْل لاعتبار العقلاء أو الشارع في الأسباب و المسبّبات العقليّة و العاديّة، فإنّ الشمس إذا طلعت أضاءت؛ اعتُبر ذلك لها أو لم يعتبر، و نصب السلّم مقدّمة للصعود إلى السطح؛ اعتُبرت مقدّميّته أو لا.
و أمّا الامور الاعتباريّة التي تسمّى بالأسباب و المسبّبات الشرعيّة فهي: إمّا عقلائيّة، أو شرعيّة:
الاولى: كالإيجاب و القبول بالنسبة إلى حصول الملكيّة و نحوها ممّا هو متعارف بين العقلاء.
و الثانية: كالغسلتين و المسحتين بالنسبة إلى الطهارة، و الرضعة و الرضعات بالنسبة إلى نشر الحرمة ... و نحو ذلك، فإنّ اعتبار سببيّة ذلك بيد الشارع فقط،