بذلك، و هي تدلّ على أنّه يُثاب عليه و إن لم يكن الواقع كذلك، لكن يُستفاد منها مفروغيّة ترتُّب الثواب على نفس العمل لو فُرض وجود التكليف به واقعاً و كونه المأمور به؛ أي ثواب نفس ذلك العمل.
و الحاصل: أنّه يُستفاد منها: أنّه لو فعل محتمل التكليف يترتّب عليه ثواب نفس العمل؛ سواء كان محقَّقاً و ثابتاً في الواقع أم لا، و هذا ممّا لا إشكال فيه.
و إنّما الإشكال و الخلاف في أنّها هل تدلّ على استحباب ذلك العمل الذي بلغه، كما اختاره في «الكفاية» [1]، أو أنّها في مقام جعل حجّيّة خبر غير الثقة- أيضاً- في المندوبات و المكروهات، كما اختاره الميرزا النائيني (قدس سره) حيث إنّه ذكر فيها احتمالات، و اختار منها أنّها في مقام إثبات مسألة اصوليّة، و هي حجّيّة خبر الواحد و إن لم يوجد فيه الشرائط المعتبرة للحجّيّة، و في الحقيقة هذه الأخبار مخصِّصة لما دلّ على اعتبار الوثاقة في حجّيّة خبر الواحد، و أنّ هذا الشرط- أي الوثاقة- إنّما هو في غير المندوبات و المكروهات، و إنّما تعتبر في الخبر القائم على وجوب شيء أو حرمته فقط.
ثمّ استشكل على نفسه: بأنّه كيف يمكن هذا التخصيص مع أنّ بينهما عموماً من وجه؛ حيث إنّ ما دلّ على اعتبار الشرائط يعمّ الخبر الدالّ على الوجوب و الاستحباب، و أخبار
(من بلغ)
و إن اختصّت بالخبر الدالّ على الاستحباب، إلّا أنّها تعمّ الخبر الواجد للشرائط و فاقدها، ففي الخبر القائم الغير الواجد للشرائط على الاستحباب يقع التعارض بينهما، و لا وجه لتقديم أخبار
(من بلغ)
على ما دلّ على اعتبار الشرائط في حجّيّة الخبر بنحو الإطلاق؟!
و أجاب: مضافاً إلى أنّه يمكن أن يقال: إنّ أخبار
(من بلغ)
ناظرة إلى أدلّة اعتبار الوثاقة في الخبر، و أنّ هذا الشرط لا يعتبر في الخبر القائم على الاستحباب،