حجّة في المسألة التي هي من المسائل الكلاميّة العقليّة؛ لاحتمال استناد المجمعين إلى حكم العقل، و عدم احتمال وجود نصّ معتبر فيه لم يصل إلينا ليستكشف به رأي المعصوم؛ لما عرفت من أنّ المسألة كلاميّة، لا فرعيّة.
و أمّا الوجه الثاني: فيرد عليه النقض بما إذا قطع بالتكليف و الأمر مع مخالفة اعتقاده للواقع؛ لعدم الأمر و التكليف في الواقع، فما يقال في الجواب عن ذلك يقال في الجواب عن إشكال محتمل التكليف.
و الذي يحسم مادّة الإشكال هو أن يقال: أمّا في صورة القطع بالتكليف المخالف للواقع، فنلتزم بعدم تحقّق عنوان الطاعة فيها، فلو قطع اثنان كلٌّ بتكليف، و طابق اعتقاد أحدهما للواقع، و خالف قطع الآخر له فإنّ الباعث للقاطع نحو الفعل بالذات و إن كان هي الصورة الذهنيّة التي هي المعلومة بالذات، لا الخارج الذي هو معلوم بالعرض، لكن حيث إنّ الصورة الذهنيّة كاشفة عن الواقع و فانية فيه، فكأنّ القاطع لا يرى إلّا الواقع، و المفروض أنّ اعتقاد الجاهل المركَّب مخالف للواقع، و ليس له واقع، كي تكشف الصورة الذهنية عنه، و مع عدم وجود التكليف فيه واقعاً أصلًا، كيف يُعدّ فعله طاعة؟! بخلاف الآخر، فإنّه لأجل علمه بالتكليف الموجود في الواقع المعلوم بالعرض، يعدّ فعله طاعة.
و أمّا في محتمل التكليف، فكما لا دليل عقلًا و لا نقلًا على اعتبار قصد الوجه و الجزم بالنيّة في العبادات، كذلك لا يُعتبر في تحقّق الامتثال فيها العلمُ بوجود التكليف و قصد عنوان الإطاعة و الامتثال؛ لعدم داعويّة الأمر إلّا إلى متعلّقه، و متعلّق الأوامر هو نفس الطبائع، فمجرّد الإتيان بالطبيعة كافٍ في تحقّق الامتثال؛ لعدم اعتبار قصد عنوان الإطاعة و العبادة في امتثالها.
نعم، قام الدليل على اعتبار قصد التقرّب به إلى اللَّه تعالى، لا بقصد الرياء و نحوه، فيكفي إيجاد متعلّق الأمر بقصد القربة.