هذا كلّه لو اريد بالضرر العقوبة الاخرويّة، و إن اريد منها لوازم الأعمال من الصورة الملازمة للإنسان في النشأة الآخرة؛ بناءً على القول بتجسّم الأعمال و الملكات، بل ادّعى بعضهم [1]: أنّه لا عقوبة و لا مثوبة في النشأة الآخرة إلّا هذه الصورة الملازمة للإنسان، الناشئة من الأعمال، و لا تنفكّ عنها، كالأثر الوضعي للشيء، و أنّ الأعمال القبيحة تستلزم صوراً قبيحة، ملازمة للإنسان بعد الارتحال عن هذه النشأة الدنيويّة ظلمانيّةً تُؤذيه، و الأعمال الحسنة تستلزم صوراً بهيّة حسنة نورانيّة تبشّره، و استشهد على ذلك بمثل قوله: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»[2]؛ حيث علّق الرؤية على نفس العمل، و أنّه يراه، و هو غير قابل للرؤية إلّا بتجسّمه، و قوله تعالى: «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً»[3] الآية، و هذا القول و إن كان إفراطاً؛ ضرورة ثبوت الثواب و العقاب الاخروي، لكن على فرض دعوى إرادة ذلك من الضرر المحتمل، يرد عليه النقض:
أوّلًا: بالشبهة الوجوبيّة مطلقاً و التحريميّة الموضوعيّة؛ حيث إنّ الأخباري لا يقول بوجوب الاحتياط فيهما، مع أنّ مقتضى ما ذكر عدم الفرق بين الشبهات.
و ثانياً: أنّ مقصود القائل بذلك: هو أنّ مخالفة اللَّه بارتكاب المحرّمات و ترك الواجبات، توجب حزازة و منقصة في النفس و إيجاد نقطة سوداء في القلب، و تزيد بتكرار المخالفة حتّى تصير المخالفة مَلَكة نفسانيّة له؛ تبلغ حدّاً يُكذِّب معه بآيات
[1]- انظر تفسير القرآن، صدر المتألهين 4: 284- 285.