و ممّا استدلّ به في المقام: حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان و مؤاخذة العبد بلا حجّة و برهان، فإنّه لو فرض أنّ عبداً تفحّص و بحث عن حكم المولى في مورد الشبهة بقدر وسعه، و اجتهد بمقدار طاقته، و لم يقصّر في طلبه و تحصيله، و لم يظفر به، و فرض وجوده واقعاً، و لم يصل إليه لبعض الامور و الجهات، فلا ريب في أنّ عقابَ المولى له و عتابه على مخالفته لحكمه الواقعي قبيحٌ عند العقل و العقلاء بلا ريب و إشكال [1].
و المراد بالبيان- الذي عدمه موضوع حكم العقل- هو الحجّة، لا بيان الحكم الواقعي، فينتفي موضوع هذا الحكم العقلي بجعل المولى وجوب الاحتياط في موارد الشبهة، فإنّ إيجاب الاحتياط حجّة و بيان، فلو خالفه و صادفت مخالفته الواقع، فالعقاب عليه ليس بلا بيان.
ثمّ إنّه ذكر بعض الأعاظم من المحقّقين (الشيخ محمّد حسين الأصفهاني (قدس سره) في الحاشية): أنّه لا يحتاج في المقام إلى قاعدة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، بل يكفي فيه دفع استحقاق العقوبة على فعلِ محتمل الحرمة- مثلًا- ما لم يقم حجّة منجِّزة لها، و حيث إنّ موضوع العقاب بالأخرة هو الظلم على المولى، فمع عدمه لا يستحقّ العقوبة، و هو كافٍ.
و بالجملة: حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان من جزئيّات حكم العقل بقبح الظلم عند العقلاء؛ نظراً إلى أنّ مخالفة ما لم تقم عليه الحجّة ليست من جزئيّات الظلم على المولى، فالعقوبة عليه ظلم من المولى على عبده، و مخالفة ما قامت عليه الحجّة خروج عن زيّ الرقّيّة و رسم العبوديّة، و هو ظلم من العبد على مولاه