بفساد تلك الهبة ليس خلاف المنّة، بل هو عين الامتنان، فإنّه ربّما يتمكّن هذا الشخص من أخذ ماله منه، فيأخذه منه قهراً عليه.
و إن تعلّق الاضطرار بترك جزء من أجزاء العبادة أو شرطها، فلا يشمله حديث الرفع، لا لما ذكره الميرزا النائيني (قدس سره): من أنّ الترك أمر عدميّ لا يشمله الحديث [1]؛ لما عرفت من عدم استقامته، بل لأنّ الرفع الشرعي إنّما يصحّ إذا ترتّبت أثر شرعيّ على الموضوع، و لا أثر شرعيّ لترك السورة- مثلًا- اضطراراً.
و أمّا الجزئيّة و الشرطيّة فهما مترتّبان على وجود الجزء و الشرط، لا على تركهما، و بهذا يُفرّق بين ما نحن فيه و بين نسيان الجزء أو الشرط الذي قلنا بشمول حديث الرفع له، فإنّ النسيان هناك متعلّق بوجود الجزء و الشرط المنسيّين، و لهما أثر شرعيّ؛ أي الجزئيّة و الشرطيّة، فيصحّ ادّعاء الرفع فيه بلحاظ انتفاء الجزئيّة و الشرطيّة، بخلاف ما نحن فيه، فإنّ الاضطرار لم يتعلّق بالأمر الوجودي؛ أي وجود الجزء و الشرط، بل بتركهما؛ لأنّ المفروض أنّه اضطُرّ إلى تركهما، و ليس لتركهما أثر شرعيّ يصحّ ادّعاء الرفع بلحاظ انتفائه.
و أمّا وجوب إعادة الصلاة فليس أثراً شرعيّاً لترك الجزاء أو الشرط، بل العقل حاكم بوجوب الإعادة على من لم يأتِ بالمأمور به الجامع لجميع أجزائه و شرائطه و بقاء أمره.
و ظهر بما ذكرنا ما في كلام المحقّق العراقي (قدس سره) حيث ذهب إلى شمول الحديث له باعتبار وجوب الإعادة؛ لأنّه مع ترك الجزء أو الشرط لم يأتِ بالمأمور به، فالأمر الصلاتي باقٍ بعدُ يجب امتثاله بالإعادة [2]؛ و ذلك لما عرفت من أنّ وجوب الإعادة حكم عقليّ، لا شرعيّ.