و ذلك لما عرفت من الفرق بينهما، فإنّه لم يأتِ في الأوّل بشيءٍ حتى يحكم بالإجزاء، بخلاف الثاني، فإنّ المفروض أنّه أتى بالصلاة، لكن نسي جزءاً منها أو أكثر غير الأركان؛ بحيث يصدق عليها الصلاة.
و قال المحقّق العراقي في باب الاشتغال: إنّ المكلّف لم يترك طبيعة الحمد- مثلًا- نسياناً حتّى يقتضي حديث الرفع الإجزاء، بل المفروض أنّه نسي فرداً منها، و لا يقتضي نسيانُه الإجزاء [2].
و فيه: أنّه لا ريب في أنّ الناسي إنّما نسي طبيعة الحمد، لا فرداً منها.
و أمّا ما أفاده الميرزا النائيني (قدس سره): من أنّه إن كان المدرك لصحّة الصلاة الفاقدة لجزء أو شرط نسياناً هو حديث الرفع، لزم صحّة الصلاة بمجرّد نسيان الجزء أو الشرط مطلقاً من غير فرق بين الأركان و غيرها؛ لعدم إمكان استفادة التفصيل بينهما من حديث الرفع.
و يؤيّد ذلك: أنّه لم يُعهد من الفقهاء التمسُّك بحديث الرفع لصحّة الصلاة و غيرها من سائر المركّبات، بل المتمسَّك به لها هو خبر (لا تعاد) المفصِّل بين الأركان و غيرها من الأجزاء و الشرائط [3].
ففيه: أنّه ليس حديث الرفع ممّا لا يقبل التخصيص، و ليس المراد التمسّك بحديث الرفع لصحّة الصلاة مع نسيان مطلق الأجزاء و الشرائط بدون استثناء و تخصيص، فإنّه عامّ يمكن تخصيصه بغير الأركان بحديث
(لا تعاد ...)
، بل خبر (لا تعاد)- أيضاً- مخصَّص بغير تكبيرة الإحرام.