حيث دلّ على جواز الشهادة باستصحاب كون المال له، و لا ريب في أنّه لم يكن متيقّناً بأنّ المال له، و لا ببقائه على ملكه، بل الحكم في الابتداء- أيضاً- بأنّه ماله، إنّما هو لأجل قاعدة اليد و نحوها، لا بالقطع الحقيقي.
و يؤيّد ما ذكرنا- أيضاً- الاعتبار العرفي، فإنّ المراد باليقين عند العرف و العقلاء هو الأعمّ من العلم الوجداني و ما ثبت بالأمارات.
و منه يظهر: اندفاع الإشكال في جريان استصحاب ما ثبت سابقاً بالأمارات المعتبرة من الأحكام و الموضوعات، مع أنّ المأخوذ في روايات الاستصحاب هو اليقين السابق؛ لقوله (عليه السلام):
(لا تنقض اليقين بالشكّ)
، فإنّهم اختلفوا في هذا المقام، فاختار كلٌّ مهرباً من الإشكال، و لعلّ الشيخ الأعظم (قدس سره) في فُسحة من هذا الإشكال؛ حيث ذهب إلى أنّ المراد باليقين هو المتيقَّن [1]، و كذلك المحقّق الخراساني (قدس سره) حيث ذهب إلى أنّ مفاد الأخبار جعل الملازمة بين القضيّة المتيقّنة و المشكوكة [2].
و تخلّص بعض آخر- الميرزا النائيني (قدس سره)-: بأنّ الأمارات علم عند العقلاء في عالم التشريع، فيشمله اليقين في
و هذا الإشكال لو كان متوجّهاً اختلّ باب الاستصحاب في الفقه، و لكنّه مندفع بما ذكرناه و استظهرناه من أخبار الاستصحاب: من أنّ المراد من اليقين هو الحجّة و من الشكّ عدمها، فالمعنى لا تنقض الحجّة باللّاحجّة.
و حينئذٍ فلو قام خبر الواحد أو غيره من الأمارات المعتبرة على خلاف الحالة السابقة و نُقض اليقينُ بها، فليس هو نقض اليقين بالشكّ، بل هو نقض لليقين باليقين بالمعنى المذكور، و حينئذٍ فأدلّة الأمارات واردة على الاستصحاب.