و في الاستدلال لها بذيل آية التفقّه [1] ما لا يخفى، و كذلك الاستدلال لها بأدلّة حجّيّة خبر الواحد؛ لأنّ الظنّ الحاصل من الشهرة أقوى من الظنّ الحاصل من خبر الواحد، فإنّه ممنوع؛ لأنّ حجّيّة خبر الواحد ليس لأجل إفادته الظنّ، و كذلك الاستدلال لذلك بمرفوعة زرارة [2]، فإنّها لا تصلح للاستناد إليها؛ لأنّها في غاية الضعف من حيث السند.
نعم يمكن الاستدلال لها
بمقبولة عمر بن حنظلة، التي رواها المشايخ الثلاثة؛ بإسنادهم عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا، يكون بينهما منازعة في دَين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أ يحلّ ذلك؟
قال (عليه السلام): (من تحاكم إليهم في حقٍّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت، و ما يحكم له فإنّما يأخذه سُحتاً و إن كان حقّه ثابتاً؛ لأنّه أخذ بحكم الطاغوت، و إنّما أمر اللَّه أن يُكفر به؛ قال اللَّه تعالى: «يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ»[3]).
قلت: فكيف يصنعان؟
قال (عليه السلام): (ينظران من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً؛ فإنّي قد جعلتُهُ عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا، فلم يُقبل منه، فإنّما بحكم اللَّه استخفّ، و علينا قد ردّ، و الرادُّ علينا الرادُّ على اللَّه، و هو على حدّ الشرك باللَّه).
[1]- التوبة (9): 122، و هي آية النفر: «فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا ...».
[2]- عوالي اللآلي 4: 133/ 229، مستدرك الوسائل 17: 303، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 9، الحديث 2.