غاية المتانة و لا يتوقف على وضع المشتق للاعم بل يتم الاستدلال بها و لو كان المشتق موضوعا لخصوص المتلبس، فالاستدلال بها على وضع المشتق للاعم فاسد جدا.
و ذلك لان ثبوت الحكم للموضوع قد يكون لبقاء صدق عنوان المشتق كالقاعد و الغاصب و قد يكون لمجرد صدوره عن الذات كالقتل فان الموضوع في هذه القضية هو الذات المتلبس بالمبدإ آناً ما فيجرى عليه الحكم و ان لم يكن متلبسا حين جرى الحكم.
و الظلم من هذا القبيل فان من تلبس بالظلم في زمان من الازمنة ليس لائقا للخلافة ابدا، فتلبسهم بالظلم اعنى الشرك و لو كان في آن من الآنات يوجب عدم لياقتهم لذلك المنصب الرفيع الذى لا يليق به الا ذات مقدسة و صاحب نفس زكية اذ هو منصب الخلافة عن النبى (صلى اللّه عليه و آله) و اتكاء على و سادة رسول اللّه، و من لم يكن بهذا الشأن بارتكابه بالظلم و تلبسه بالشرك و لو في بعض ادوار عمره و اطوار دهره لا يليق به.
فيكون التلبس بالشرك في آن ما و ان لم يكن مستمرا موجب لفعلية الحكم و هو عدم النيل بهذا العهد اعنى الخلافة فلا يناله ابدا و هذا دلالة قوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
فاطلاق الظالم بمعنى المشرك عليهم يكون بلحاظ حال تلبسهم بالشرك و لا شك في ان هذا الاطلاق حقيقى و يتم به استدلال الامام (عليه السّلام) لان الموضوع في القضية هو نفس الذات المتلبس آنا ما لا كونها متلبسا دائما.
و نظيره حال استدلالهم بقوله تعالى (السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) و قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما ...) فان الملاك في امثال هذه المقامات ثبوت الحكم للموضوع باعتبار تلبسه بالمبدإ آناً ما اذ الحكم بالجلد و القطع للزانى و السارق باعتبار حدوث الزنا و السرقة في زمان لا بقاؤهما الى زمان ثبوت الحكم.