و تلخّص: إن قسماً من النسب في المعاني الحرفيّة متحققة، و الحروف في هذا القسم تكون حاكيةً عن النسب، مثل نسبة الظرفيّة بين الدار و زيدٍ، و الاستعلائية بين عمرو و السطح، و الابتدائية بين السير و الكوفة، و هكذا.
و قد تكون هذه الحروف مفيدةً للنسب، و لكن لا تحقّق لتلك النسب في الخارج، و إنما في الذهن فقط، كما في قولنا: «شريك الباري في نفسه ممتنع» فإن «في» هذه مفيدة لمعنى الظرفيّة أيضاً، لكنها ظرفيّة تعمليّة و بتصرف من الذهن، فلها مفاهيم، لكن موطنها الذهن فقد توجد هناك و قد لا توجد.
و بما ذكرنا في معنى هذا القسم ظهر: أنّ مداليل هذه الحروف- في مثل زيد في الدار و نحوه- ليست محصورةً بافق الاستعمال- كما نقله بعض تلامذة الميرزا النائيني عنه- بل هي امور خارجيّة، و تلك الحروف حاكية عنها.
(و منها) الحروف غير الحاكية عن نسبةٍ، مثل حرف النداء، فإنه لا نسبة بين المنادي و المنادى تحكي عنها كلمة «يا» بل هي موجدة للنسبة وفاقاً للمحقق النائيني، فما ذكره حق في هذا القسم من الحروف، و يصح تسميتها بالإيجاديّة بهذا الاعتبار، فلفظة «يا»- مثلًا- توجد النسبة الندائيّة بين المنادي و المنادى.
(و منها) الحروف التي لا تدلّ على النسبة، لا حكايةً و لا إيجاداً، مثل «اللّام» التي للعهد الذهني، فإنه لا استقلال لمعنى «أل» بل هو قائم بالغير، و ذلك المعنى هو التعريف، و هذا ما نصّ عليه الخواجة في (أساس الاقتباس). و على الجملة، فمدلول هذا الحرف هو الخصوصيّة التي توجد الذهن لمدخوله، و هي كونه معرفةً في قبال النكرة.