الخاصّة بالمسألة المعروضة عليه و المطلوب منه الفصل فيها.
و الشريعة الإسلاميّة ليست بعيدة عن طريق وضع القوانين و الأحكام في عبارات أو جمل موجزة محكمة، و يكفي لإثبات هذه الدعوى الاطّلاع على مقدّمة (مجلّة الأحكام العدلية) الّتي تشتمل على عدّة قواعد قد اختيرت من كتب الفقه الإسلامي بنفس الصيغة الواردة بها في هذه الكتب، و بعض هذه القواعد أحاديث نبويّة مثل: «لا ضرر و لا ضرار» و قواعد فقهيّة مثل: قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) .
بل إن بعض الآيات القرآنية أو بعض أجزائها الواردة في المعاملات تكون قواعد أو أحكاما شرعيّة في الموضوعات الّتي وردت فيها.
و ذلك كقوله تعالى: فَمَنِ اِعْتَدىََ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىََ عَلَيْكُمْ 1 الّتي تضع أهم قواعد القانون الدولي العامّ الّذي لم يعرف إلاّ في القرن السابع عشر الميلادي، و الّتي يطلقون عليها: (قاعدة المعاملة بالمثل) .
و هكذا طبّقت (المجلّة) في بلاد الخلافة العثمانيّة جميعها-فيما عدا مصر و الجزائر عند صدورها-و لكن ميدانها ظل يضيق شيئا فشيئا، و ذلك لعاملين أساسيين:
أوّلهما: قوّة الاستعمار.
و ثانيهما: أثر تقليد المتخلّف الضعيف للمتقدّم القوي بعد ذلك، حتّى