على الفهم العرفي تجد استنكارهم لذلك، و كيف يمكن عندهم صدق البنتيّة أوّلا ثمّ ترتّب الحرمة عليه، و بعد فرض ثبوت الحرمة و وجودها تحدث الامومة، فلا تكون أمّ الزوجة لسبق حرمة البنت، بل أمّ من كانت زوجة، إذ لازم ذلك حدوث الامومة في الرتبة المتأخّرة عن حدوث البنتيّة و هو كما ترى.
و بالجملة، انقطاع علقة الزوجيّة من آثار البنتيّة المتّحدة الصدق مع الامومة فحين حدوثهما هذه الطفلة زوجة، فتصدق على مرضعتها أنّها أمّ الزوجة ثمّ تنقطع علقتها. هذه غاية الجهد في تقريب المطلب و هو متقوّم بركنين؛ أحدهما:
اندماج صدق البنتيّة و الامومة و عدم إمكان التفكيك بينهما عرفا و هو كذلك.
و ثانيهما: تأخّر الحرمة عن البنتيّة لتأخّر الحكم عن موضوعه و هو أجود ما قيل في إثبات حرمة المرضعة الاولى و هو الحقّ الحقيق بالقبول.
الثاني: أنّ زمان زوجيّة الصغيرة و زمان انقضائها، و إن كانا في الواقع زمانين، إلّا أنّه بالنظر الدقّي الفلسفي، و أمّا بالنظر العرفي المسامحي، فالزمانان واحد، فان زوجيّة الصغيرة و انقضائها و امومة الكبيرة متحدات في الزمان. فأوّل زمن الامومة متّصل بآخر زمن الزوجيّة.
و هو كاف في صدق عنوان أمّ الزوجة، و الاندراج تحت عنوان أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ في الآية الشريفة، أو يقال: يكفي في صدق أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ عرفا كونها زوجة في الآن السابق المتّصل بحدوث الامومة؛ لأنّ الإضافة يكفي فيها أدنى الملابسة.
و فيه: إنّ الجزم بالصدق العرفي مشكل و إن كان لما ذكر وجه، إلّا أنّه غير كاف لإحراز الظهور.
الثالث: لو سلّمنا ظهور المشتقّ في المتلبّس، إلّا أنّه قامت القرينة في الآية الشريفة على إرادة الأعمّ و هو كون امّهات نسائكم في سياق قوله تعالى: