و مسبّب عن تحقّق هذه العناوين، و نسبته إليها نسبة الأثر إلى المؤثّر، كما أنّه كذلك في نظر عرف المتشرّعة، فإنّ الحرمة في نظرهم معلول للعناوين المذكورة، كما أنّها من آثار الرضاع الكامل. و على هذا فلا شبهة في تأخّر الحرمة الموجبة لانقطاع علقة الزوجيّة عن صدق تلك العناوين. فحيث أنّ الزوجيّة كانت ثابتة لهما من الابتداء، فبمجرّد إكمال الرضاع يصدق في عرف المتشرّعة و فهمهم أنّ المرضعة صارت أمّ الزوجة و الرضيعة صارت بنت الزوجة، ثمّ يترتّب الحكم على العنوانين و هو حرمة كليهما، و تنقطع علقتهما.
و لا وجه لخلط الحرمة النافية للزوجيّة بمقام صدق الامومة و البنتيّة؛ لأنّهما في نظر العرف يصدقان بصدق واحد في رتبة سابقة. ثمّ تجيء الحرمة القاطعة لعلقة الزوجيّة، و هذا واضح.
و أمّا ما جاء في كلمات بعض الأعلام من أنّ الأحكام الشرعيّة ثابتة في ظرف الزمان دون الرتبة، و أنّ التقدّم و التأخّر الرّتبي على فرض تسليمه ثابت بملاك، كالعلّية و المعلولية. فالمعلول متأخّر عن العلّة رتبة، و لكن لا يسري ذلك إلى مقارنه الرتبي، حتّى يقال بتأخّر المعلول عمّا هو مقارن رتبة للعلّة، لتفرّع التأخّر الرّتبي على ملاك خاصّ لا يوجد في المقارن. و في المقام سلّمنا تأخّر حرمة بنت الزوجة عن بنتيّتها لتأخّر الحكم عن الموضوع رتبة، و لكن لا يستلزم ذلك، تأخّر حرمتها عن امومة المرضعة؛ لانتفاء ملاك التأخّر، بل هما متقارنان و مع تقارن الامومة و حرمة البنت، فهي لا تكون امّا للزوجة حتّى تحرم، بل امّا لمن كانت زوجة و انقضت عنها الزوجيّة.
ففيه: اندماج صدق البنتيّة و الامومة عرفا، فهما يصدقان بصدق واحد، ثمّ تترتّب الحرمة، و ما افيد لا يعدوا القواعد الفلسفيّة البعيدة عن الأذهان العرفيّة.
و إن شئت مزيد وضوح له، فأعرض التفكيك بين صدق البنتيّة و الامومة