و لعلّه إشارة إلى انّ البرء و الحنث من آثار الوفاء بالنذر و عدمه، و هو تابع ما قصده الناذر، فإن قصد الصلاة الصحيحة لم يتحقّق البرء بإعطاء المنذور لمن صلّى فاسدا و لو قلنا بالأعمّ، و إن قصد الأعمّ من الصحيح و الفاسد تحقّق البرء و لو قلنا بوضع اللّفظ للصحيح. نعم تظهر الثمرة في ما لو لم يقصد بالتفصيل شيئا، و إنّما قصد بالإجمال ما هو معنى اللّفظ عرفا. و بالجملة هذا المقدار من الثمرة لا يناسب البحث الأصولي بهذا الطول و العرض، كما أفاد.
و بالجملة، شأن المسألة الاصوليّة أن تكون واسطة في استنباط الحكم الكلّي، لا صرف تنقيح موضوع الحكم و تطبيقه على المورد، فحاله حال البحث عن مفهوم الصعيد و الغناء و الكرّ و الكافر و الاحتكار، و الملّي و الفطري في المرتدّ، و العدّي و السّني في الطلاق، و هكذا غيرها من العناوين المستنبطة القابلة للبحث و التحقيق، و من المعلوم عدم كونها مسائل اصوليّة.
أدلّة الوضع للصحيح
الأوّل: التبادر
قال (رحمه اللّه) في الكفاية: «قد استدلّ للصحيحي بوجوه: أحدها: التبادر، و دعوى أنّ المنسبق إلى الأذهان منها هو الصحيح، و لا منافاة بين دعوى ذلك، و بين كون الألفاظ على هذا القول مجملات. فإنّ المنافاة إنّما تكون فيما إذا لم تكن معانيها على هذا مبيّنة بوجه، و قد عرفت كونها مبيّنة بغير وجه» [1].
أقول: حاصل الإشكال، أنّه كيف يجتمع تبادر المعنى و انسباقه إلى الذهن الملازم للوضوح و الجلاء مع إجمال المعنى على هذا القول، و أمّا الجواب،