المادة، اى متعلق الحكم و التكليف، اذ التكليف بالشىء و ان كان يعتبر فيه القدرة على ذلك الشىء، إلّا ان التقييد بذلك ليس إلّا من ناحية العقل الحاكم بقبح التكليف بغير المقدور، فاذا امتنع حصول المكلف به لجهة من الجهات، اما من ناحية الشىء المكلف به بتعذره، او من ناحية المكلف بانعدامه، فقد بطل التكليف، إلّا ان بطلانه بالتعذر و العجز، لا يوجب سقوطه رأسا، بل يدور مدار القدرة و عدمها، فاذا كان الشىء ممتنع الحصول من اول الامر، ثم صار مقدورا، جرى الحكم بحاله، لتحقق ملاكه، اذ اعتبار القدرة عقلا غير اعتبارها شرعا، فإن اعتبارها العقلى، لا يمنع من تحقق الملاك و المصلحة فى غير المقدور، بخلافه فى القدرة المعتبرة فى لسان الشارع، فانها تقتضى اختصاص المصلحة بها، و لا يتعدى الى حالة العجز، و من ثم ترى المحققين يذهبون فى الضد المزاحم بالاهم الى صحته لو كان من قبيل العبادات، فلو ترك الازالة و اشتغل بالصلاة صحت صلاته، لتحقق ملاك الصحة فيها، و لو كانت مزاحمة بالاهم، اذ مثل هذه التزاحم انما يرفع فعلية التكليف بالمهم، و لا يرفع واقعه عنه فالتكليف الواقعى بحسب اطلاقه يعم القادر و العاجز، إلّا ان فعليته منوطة بالقدرة عقلا، و هذا هو المراد من اطلاق المادة، فانه لما ذكر الكلام غير مقيد بالقدرة، يكون ذلك دليلا على ان مناط الحكم و ملاكه، يعم حالتى القدرة و العجز، فلو قال المولى: اقم الصلاة، كان ذلك دليلا على ان الصلاة فى حد نفسها ذات مصلحة هى متحققة فيها، سواء كانت مقدورة او غير مقدورة، و هذا لا ينافى اعتبار القدرة عقلا فى صحة التكليف بها.
و الحاصل انه فرق بين ان يقول الشارع و يجىء التقييد بالقدرة من ناحية العقل، و بين ان يقول: اقم الصلاة ان كنت قادرا، فانه على الاول تكون الصلاة ذات مصلحة فى حالتى العجز و القدرة، بخلافه