بتعاريف مختلفة نكتفى بذكر بعضها رعاية للاختصار و ان كان مثل هذه التعاريف تعاريف صورية لا تظهر بها الحقيقة.
فمنها ما قاله الشيخ و هو ابقاء ما كان. ثم فسره قده بالحكم بقاء ما كان و قد ايده استاذنا العراقى بان هذا التعريف مع اختصاره يكون اتقن تعاريف الاستصحاب و ملائما مع جميع ادلة حجيته التى عبارة عن الاخبار و حكم العقل و بناء العقلاء. لان كل واحد من هذه الادلة يدل على الحكم ببقاء ما كان كما سيأتى تفصيله.
و لكن يرد على ذاك التعريف و هذا التأييد اشكالات.
الاول ان الحكم لا يمكن ان يتعلق بالبقاء اصلا لان البقاء لا يكون من اعمال المكلفين حتى يمكن طلبه منهم بل يكون من الامور الانتزاعية التى تنتزع من استمرار الشيء غاية الامر انه قد يكون الباعث على استمرار الشيء اعمال المكلفين. و لكن هذه الاعمال الباعثة عليه لا تكون بقاء للشيء بل تكون ابقاء له كما ان الحكم بها ايضا لا يكون حكما ببقاء الشيء بل يكون حكما بابقائه.
الثانى ان الحكم بالبقاء او الابقاء انما يتم على فرض كون دليل حجية الاستصحاب الاخبار لانها تدل على حرمة نقص اليقين السابق فى ظرف الشك فيه الملازمة للحكم بوجوب ابقائه بترتيب آثاره عليه. و بعبارة اخرى انها تدل على وجوب الابقاء و الاستمرار الذى يكون حكما و لا تحكى عن نفس الابقاء و الاستمرار الذى يكون عملا. و هذا بخلاف ما اذا كان دليل حجيته بناء العقلاء او حكم العقل فانه لا يدل شيء منهما على حكم الاستمرار بل يحكى عن نفس الاستمرار بمعنى ان بناء العقلاء فى الاستصحاب عبارة عن الجرى العملى على ابقاء آثار اليقين السابق فى ظرف الشك و لا ريب فى ان هذا الجرى الذى يكون امرا قهريا اجنبى عن مقام الحكم بالابقاء و كك الكلام بالنسبة الى حكم العقل فانه ايضا لا يكون بمعنى انشاء وجوب ابقاء اليقين السابق فى ظرف الشك فيه بترتيب آثاره عليه بل يكون بمعنى تصديق الملازمة بين حدوث الشيء و بقائه