ملوك الحيرة لمّا كانت عامرة، و لمّا استحال الماء و انقطع عن مصبّه في النجف صار ذلك البحر برّا، و صار بين الحيرة مسافة. [1]
و قال أبو عبد اللّه الحميري: و كان البحر فيما سلف في الموضع المعروف بالنجف و هو بالحيرة، و كانت ترفأ هناك سفن الهند و الصين ترد على ملوك الحيرة، فصار بين الحيرة و بين البحر الآن مسيرة أيام كثيرة. [2]
و قال المسعودي: و كان البحر في الموضع المعروف بالنجف. و كانت تقدم هناك سفن الصين و الهند ترد إلى ملوك الحيرة. [3]
كما يظهر هذا المعنى فيما روي من أحداث عند فتح الحيرة.
روى أبو عبد اللّه الحميري حديثا دار بين خالد بن الوليد و عبد المسيح بن بقيلة الغسّاني، جاء فيه: ... قال خالد: فما أدركت؟. قال: أدركت سفن البحر ترفأ إلينا في هذا النجف بمتاع الهند و الصين و أمواج البحر تضرب ما تحت قدمك. [4]
و من طريف ما يدعم ذلك ما أورده ابن الدبيثي في تاريخه، عن عبد الجبار بن معيّة العلوي، قال: خرج قوم من أهل الكوفة يطلبون الأحجار الغرويّة [5] يجمعونها لأيام الزيارات و المعيشة بها-و بالكوفة من يعمل ذلك إلى اليوم-و أبعدوا في الطلب
[5] الأحجار الغرويّة: نسبة إلى الغري، و هي حصيّات بيضاء اللون شفّافة تسمّى عند النجفيين بالدرّ النجفي، تلتقط من حصباء صحراء النجف و تصاغ خواتيم، و إليها يشير الشاعر الشهير علي بن محمد العلوي الحمّاني من قصيدته الفائية-كما ستأتي قريبا-في وصف هذه الصحراء و حصبائها بقوله: