و ممّن كان يرى هذا الرأي: السيّد موسى بن السيّد جعفر الطالقاني المتوفى سنة 1289 هـ، و هو عالم جليل، و شاعر شهير، لعب دورا مهمّا في نوادي النجف الأدبية، و بلغ به التفوّق في النظم و الاتقان للفن أن صار يصوغ الشعر بدون أي تكلّف، إلاّ أنّه صرّح غير مرّة بأنّه ممّن يرى الشعر نقصا للعظماء، كما جاء في رثائه للعلاّمة الشيخ جواد بن الشيخ حسين نجف، بقوله:

بني المجد عذرا إن تقاصرت في الثنا # عليكم ففي قلبي على حبّكم قصر

فإنّي رأيت النظم نقص ذوي الحجا # ولي في ملام الناس إن لمنني عذر

تعرّض قوم بالملام سفاهة # و قد طال فيما بيننا الكر و الفر

لقد حسبوا أنّي سهرت على العلى # و أصبح فنّي في زمانهم الشعر

فحتّى م تخفى شمس فضلي عن الورى # كأنّي في أحشاء جسم العلى سر

رضعت ثدايا العلم طفلا وها أنا # كبير بفضلي ليس بي أبدا كبر

و في شرقها و الغرب منّي مناقب # كما قد أضاءت في السما أنجم زهر

سل الدهر عن مجدي و جدّي و والدي # ففيهم و منهم و عنهم لهم الفخر

و منهم: الشيخ محمد تقي بن الشيخ عبد الرسول بن شريف الجواهري المولود سنة 1341 هـ، و هو عالم فاضل، و أديب بارع، و شاعر مطبوع، فقد اعتذر من نشر شعره متأثّرا برأي والده الذي قال شعرا حسنا، و تنصّل منه لبلوغه مرتبة الاجتهاد.

و السيّد موسى بن السيّد جعفر بن محمد بحر العلوم المولود سنة 1327 هـ، أعرض عن النظم عند ما توغّل في دراسة الفقه و التمشّي نحو المرجعية الدينية.

و الشهيد السعيد السيّد محمد سعيد بن السيّد محمود الحسني الحبوبي المتوفى سنة 1333 هـ، و هو من أشهر مشاهير عصره، فقيه كبير، و أديب فطحل، و شاعر مبدع، أعرض عن النظم لمدّة ربع قرن من حياته الأخيرة، و انقطع بأجمعه لتحصيل العلم و الفقاهة، فلازم العلاّمة الشيخ محمد طه نجف، و لم يبرح عنه إلى حين وفاته.