responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 2  صفحه : 535

البشر، و ان الانحراف لا يشمل البشر أجمعين، و إن كانت نسبة أهل الحق إلى غيرهم، كنسبة مكة و المدينة إلى سائر مدن العالم كله.

و هذا مطابق لما عرفناه من نتائج التخطيط الإلهي، ببقاء قلة من المخلصين الممحصين المندفعين في طريق الحق. و أكثرية من المنحرفين و الكافرين. و يكون لأولئك القلة المناعة الكافية ضد التأثر بالأفكار المادية و الشبهات المنحرفة. بل أن هذه الشبهات لتزيدهم وعيا و إيمانا و إخلاصا.

و هذا هو معنى ما ورد في بعض أخبار الدجال من منعه عن مكة و المدينة بواسطة ملك بيده سيف مصلت يصده عنها، و ان على كل نقب ملائكة يحرسونها.

فان تشبيه العقيدة الاسلامية بالملك و مناعتها بالسيف مما لا يخفي لطفه. و أما كون الملائكة على كل نقب، فهو يعني الادراك الواعي للمؤمن بأن للاسلام حلا لكل مشكلة و جوابا على كل شبهة، فلا يمكن لشبهات الآخرين أن تغزو فكره أو تؤثر على ذهنه.

و الدجال طويل العمر، باق من زمن النبي (ص) حين لم يؤمن برسالته من ذلك الحين، بل ادعى الرسالة دونه، و لا زال على هذه الحالة إلى الآن.

فان الدجال أو المادية، تبدأ أسسها الأولى من زمن النبي (ص) حيث كان للمنافقين أثرهم الكبير في ادكاء أوارها و رفع شأنها. فكانوا النواة الأولى التي حددت تدريجا سير التاريخ على شكله الحاضر، بانحسار الاسلام عن وجه المجتمع في العالم و سيطرة المادية و المصلحية عليه.

إذن فالمنافقون الذين لم يؤمنوا برسالة النبي (ص)، أولئك الذين كان مسلك الدجل و الخداع مسلكهم إذ يظهرون غير ما يبطنون، هم النواة الأولى للمادية المخادعة التي تظهر غير ما تبطن، و تبرقع قضايا بمفاهيم العدل و المساواة. فهذا هو الدجال، بوجوده الطويل.

و من هنا نفهم معنى ادعائه للرسالة، فإن المادية كانت و لا زالت تؤمن بفرض ولايتها على البشر، غير أنها كانت في المجتمع النبوي ضعيفة التأثير جدا، لا تستطيع الارتباط بأي انسان. و لكن حين أذن للدجال المادي بالخروج، في عصر النهضة الأوربية، استطاعت المادية أن تفرض ولايتها و سلطتها على العالم.

نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 2  صفحه : 535
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست