نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 534
و الدجال أيضا يدعي الربوبية إذ ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين ... يقول: «إليّ أوليائي، أنا الذي خلق فسوى و قدر فهدى أنا ربكم الأعلى».
و كل ذلك واضح جدا من سير الحضارة الأوربية و أسلوبها. فانها ملأت الخافقين بوسائل الاعلام الحديثة بماديتها، و عزلت البشر عن المصدر الالهي و العالم العلوي الميتافيزيقي، فخسرت بذلك العدل و الأخلاق و الفكر الذي يتكلفه هذا المصدر. و أعلنت عوضا عن ذلك ولايتها على البشرية و فرضت ايديولوجيّتها على الأفكار و قوانينها على المجتمعات، بدلا عن ولاية اللّه و قوانينه. و هذا يعني ادعاءها الربوبية على البشر أي أنها المالكة لشؤونهم من دون اللّه تعالى.
و من الملحوظ في هذا الصدد، أن الوارد في الخبر ان الدجال يدعي الربوبية، لا أنه يدعي الالوهية ... و الربوبية لا تحمل إلا المعنى الذي أشرنا إليه.
و أما دعوتها، لأوليائها من أطراف الأرض، ليتم تثقيفهم الفكري و تربيتهم الأخلاقية و السلوكية تحت إشرافها، و لترتبط مصالحهم الاجتماعية و الاقتصادية بها ... فهذا أوضح من أن يذكر أو يسطر.
«و لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه و ظهر عليه» و هو ما حدث فعلا بالنسبة إلى شمل التفكير الأوربي في كل البسيطة. فليس هناك دولة في العالم اليوم لا تعترف بالاتجاهات العامة للفكر و القانون الأوربي. و نريد بأوربا كلي قسميها الرأسمالي و الشيوعي. فان كليهما معاد للاسلام، و ممثل للدجال بأوضح صوره.
و أما استثناء مكة و المدينة من ذلك، فقد يكون محمولا على الصراحة، و قد يكون محمولا على الرمز. أما حملها على الصراحة، فيعني أن سكان هاتين المدينتين المقدستين سوف لن يعمهما الفكر الأوربي و المد الحضاري المادي. بل يبقى سكانها متمسكين بالاسلام، بمقدار ما يفهمونه، صامدين تجاه الاغراء الأوربي إلى حين ظهور المهدي (عليه السلام).
و أما حملها على الرمزية، فهو يعني أن الفكرة الالهية المتمثلة بمكة، و الفكرة.
الاسلامية المتمثلة بالمدينة المنورة، لا تنحرف بتأثير المد الأوربي، بل تبقى صامدة، محفوظة في أذهان أهلها و إيمانهم. و هذا يدل على انحفاظ الحق في الجملة بين
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 534