نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 536
و من هذا المنطلق نفهم بكل وضوح معنى أنه عند الدجال ماء و نار، و ماؤه في الحقيقة هو النار، و ناره هي الماء الزلال. و قال النبي (ص)- في الحديث-: «فمن أدرك ذلك فليقع في الذي يراه نارا فإنه ماء عذب طيب».
فإن ماء الدجال هو المغريات و المصالح الشخصية التي تتضمنها الحضارة المادية لمن تابعها و تعاون معها. و ناره عبارة عن المصاعب و المتاعب و التضحيات الجسام التي يعانيها الفرد المؤمن الواقف بوجه تيار المادية الجارف. و تلك المصالح هي النار أو الظلم الحقيقي، و هذه المصاعب هي الماء العذب أو العدل الحقيقي.
و من الطبيعي أن النبي (ص) بصفته الداعية الأكبر للايمان الالهي، ينصح المسلم بأن لا ينخدع بماء الدجال و بهارج الحضارة و مزالق المادية، و أن يلقي بنفسه فيما يراه نارا و مصاعب، فانه ينال بذلك طريق الحق و العدل.
و نستطيع في هذا الصدد أن نفهم: أن نفس سياق الحديث و لهجته دال على ذلك. فان قوله: «فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، و أما الذي يراه الناس نارا فماء بارد عذب». يكاد يكون أيضا واضحا في أنه ليس المراد به الماء و النار على وجه الحقيقة، بل هو ماء و نار على وجه الرمز. و الا لزم نسبة المعجزات إلى المبطلين، و قد برهنا على فساده.
و من طريف ما نستطيع أن نلاحظه في المقام: أن النبي (ص) لم يقل في الخبر: أن الناس جميعا حين يقعون في الماء فأنهم يجدونه نارا أو حين يقعون في النار، يجدونها ماء. بل يمكن أن نفهم أن بعض الناس و هم المؤمنون خاصة هم الذين يجدون ذلك. و إلا فان أكثر الناس حين يقعون في ماء الدجال أو بهارج المادية لا يجدون إلا اللذة و توفير المصلحة، كما أنهم حين يقعون في المصاعب و المتاعب لا يجدون إلا الضيق و الكمد.
و الدجال أعور، نعم بكل تأكيد، من حيث أن الحضارة المادية تنظر إلى الكون بعين واحدة، تنظر إلى مادته دون الروح و الخلق الرفيع و المثل العليا. و من يكون الأعور إلا غير المدرك للحقائق ربا صالحا للولاية على البشرية ... و إنما تكون الولاية خاصة بمن ينظر إلى الكون بعينين سليمتين، بما فيه من مادة و روح و يعطي لكل زاوية حقها الأصيل «و ان ربكم ليس بأعور».
و الدجال كافر، لأنه مادي و من أعداء الاسلام و أبعدهم عن الحق
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 536