نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 493
الأطروحة الثانية:
أن يفسر هذا الحديث بمقدار الخيرات العظيمة التي ينتجها هذا النهر المبارك ... أما بحمله على الخيرات الزراعية التي تحصل على جانبيه على مر التاريخ، و قد تحصل في بعض السنين أضعاف ما تحصل في سنوات أخرى. و أما بحمل الخبر على أنه سيستخرج من مياهه النفط المسمى بالذهب الأسود. و لعل هذا أنسب بما يعطيه الحديث من أن الكنز كامن في جوف الفرات أو تحت مائه، و أنه لا يمكن استخراجه إلا بإزالة الماء بشكل من الأشكال.
و معه، يحمل اقتتال الناس على التنافس الاستعماري على منطقة الفرات طمعا بكنوزه من قبل الدول الكبرى المتعددة، هذا التنافس الذي كلف الكثير من الأموال و النفوس. و أما بقاء الواحد بالمائة من المتحاربين، فلا بد أنه يحمل على المبالغة في كثرة القتلى لا على التحديد.
الأطروحة الثالثة:
أن يحمل الفرات على معنى الحق أو الدعوة الالهية، بقرينة قوله عز من قائل:
«وَ هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ: هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ، وَ جَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَ حِجْراً مَحْجُوراً»[1]. مع تفسير الفرات بالحق و الاجاج بالباطل. بقرينة ورودها في سياق الحديث عن الدعوة الالهية، فيما سبقها من الآيات. قال اللّه تعالى: «وَ لَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً. فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ جاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً. وَ هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ...» الخ. و يحمل الحجر المحجور على الفاصل الذاتي البرهاني الذي لا يمكن خلطه بين الحق و الباطل.
و يكون معنى انحسار الفرات عن الذهب، اتضاح الحق بمقدار كبير و زيادة مخلصيه و مؤيديه، في عصر الفتن و الانحراف ... فيتصدى لهم جماعة من المنحرفين و الكافرين، فيقاتلهم المؤمنون دفاعا عن أنفسهم فيكثر القتلى حتى يمكن أن يقال: على وجه المبالغة: أنه لم يبق من الناس المتحاربين، إلا واحدا من المائة.
و يحمل النهي عن الأخذ من الذهب على لزوم عدم الاعتداء على الحق و المشاركة في الحرب ضده.