نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 457
التنبؤ عن المستقبل، و ليس عاما لكل الأخبار. و معه فهذا الخبر الذي نقلناه عن البحار لا يندرج ضمن هذا المنهج، لأنه ليس من أخبار التنبؤ بالمستقبل. إذن فهو قابل إلى حد ما للاثبات التاريخي. و كونه مجهول الرواة لا يضر بذلك، كما برهنا عليه في المنهج الذي أسسناه في أول تاريخ الغيبة الصغرى [1].
و أما المناقشة الثانية: فالمعارضة بين الخبرين، في الواقع، تنتج فشل الخبرين الأخيرين و سقوطهما عن قابلية الاثبات التاريخي، و سيكتب البقاء، عندئذ للخبر الذي نقلناه عن البحار.
فاننا عند دوران الأمر بين صدق هذين الخبرين أو ذلك الخبر، بحيث يتعين الالتزام بكذب أحدهما ... لا بد و أن نحسب حساب القرائن المؤيدة لأحد الخبرين.
و الشيء الذي نريد أن نقوله، بهذا الصدد هو: إن الجهاز العباسي الحاكم حين وجد أن هناك ارتباطا بين خروج الرايات السود و بين ظهور المهدي (ع) على لسان رسول اللّه (ص)، كما استفاضت الأخبار عنه (ص) على ما سوف نسمع ... أحبوا جعل هذا الارتباط وثيقا و قريبا، فجعلوا هذه الأخبار الدالة على ذلك، لتكون موحية بأن المهدي المقصود هو المهدي العباسي، لأنه هو المرتبط و القريب من ثورة أبي مسلم الخراساني و راياته السود، بل هو مندرج في ضمنها بشكل و آخر، كما جعلوا الحديث دالا على ذلك.
و الذي يدلنا على وضع هذين الحديثين، ما قاله صاحب الصواعق نفسه حين أوردهما. فقد أورد أولا قوله: «أنا أهل بيت اختار اللّه لنا» ... الخ ... و علق عليه بقوله: «و في سنده من هو سيئ الحفظ مع اختلاطه في آخر عمره». ثم أورد قوله: «إذا رأيتم الرايات السود ...» الخ. ثم قال: «و في سنده ضعيف له مناكير. و إنما أخرج له مسلم متابعة، و لا حجة في هذا و الذي قبله، لو فرض أنهما صحيحان لمن زعم أن المهدي ثالث خلفاء بني العباس» [2].
و لم يطعن ابن حجر في هذين الحديثين، من رواية كونهما دالين على وجود