نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 371
المقدمة الرابعة:
يراد بالعبادة، معناها العام، لا خصوص الصلاة و الصوم، و إن كانت هذه من أقدس أشكال العبادات. بل يراد كل عمل مطلوب في الاسلام يحققه الفرد امتثالا للأمر الالهي، و تطبيقا لتعاليم الإسلام. فتشمل العبادة بهذا المفهوم سائر الأعمال الاسلامية، الفردية منها و الاجتماعية، كما سبق أن حملنا عن ذلك فكرة كافية ... و حققناه مفصلا في بحث متكامل عن المفهوم الواعي للعبادة في الاسلام.
إذن ينتج من هذه المقدمات الأربع: أن مراد النبي (ص) من حديثه هذا هو:
أن العمل الاسلامي في سبيل اللّه بمختلف مستوياته، مما يقع في عصر الهرج و الفتن و الانحراف له من الفضل عند اللّه و عند رسوله، كفضل اعتناق الاسلام نفسه.
و ليس ذلك بالعجيب، بعد الذي سمعناه من الأخبار و رأيناه بالعيان، من مجابهة الفتن و الانحراف، للعقيدة و المعتقدين، و قهرهم على ترك الإيمان و الخروج عن طاعة اللّه عز و جل، بمختلف وسائل الظلم و الاغراء ... إذن فتكون المحافظة على العقيدة و البقاء على السلوك الصالح، من الأهمية كالدخول في الاسلام لأول مرة، و ليت شعري، قد يكون البقاء على العمل الصالح مستلزما للتضحية و المتاعب أكثر مما يستلزمه اعتناق الاسلام لأول مرة.
و أخرج ابن ماجة [1] و الترمذي [2] في حديث عن رسول اللّه (ص) قد سبق أن سمعنا قسما منه، أنه قال: فان من ورائكم أيام الصبر. الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر. للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون بعمله.
فالعمل الواحد المتشابه، يتضاعف فضله و أجره، بتضاعف التضحية في سبيل تحقيقه. حتى إذا ما وصلت التضحية إلى أوجها، و كان التمسك بالدين كالقبض على الجمر في الشدة و البلاء، وصل الفضل و الأجر إلى أوجه أيضا ...
و كان العمل الواحد، من الرجل الواحد، في مثل هذا الظرف، معادلا لعمل خمسين عامل مثله، في حال الرخاء و الدعة.