نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 262
يمثلون الحق صرفا، و ينتمون إلى قسطاط الحق الذي لا كفر فيه، كما سبق أن سمعنا من الأخبار.
و قد عرفنا أن قانون التمحيص عام للبشرية مرافق لها في عمرها الطويل. و قد نطق به التنزيل. قال اللّه تعالى: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ[1] و قال عز و جل: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَ يَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ[2].
و لكن هذا القانون يكون أشد و آكد إذا اقترن بالإعداد لليوم الموعود، إعدادا يمكن به حمل التبعة و الشعور بالمسؤولية تجاه العالم كله.
و لعلنا نستطيع أن نفهم من قوله تعالى: وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ .. كيفية التمحيص و أسلوبه، و ذلك: إن التمحيص ليس للكشف و الإظهار فقط أمام الآخرين أو أمام التاريخ، و أن كان هذا هو جانبه الظاهر المنظور. و إنما يتضمن- في الحقيقة- تغييرا حقيقيا و تأثيرا جوهريا في ذات الفرد يعلمه اللّه تعالى منه بعد وجوده و تحققه.
و يتضح ذلك من بيان مقدمتين:
المقدمة الأولى:
أن للفرد العاقل المختار اتجاهات و وجهات نظر، و له مواقف و آراء تجاه كل حادثة مما يمر به في حياته. و هو على الدوام يحدد مواقفه فعلا و تركا و آراءه إيجابا و سلبا، صادرا صدورا تلقائيا عن اتّجاهاته و وجهات نظره العقائدية و العقلية و الثقافية. فتتحدد مواقفه بتحديد اتّجاهاته، و تتغير بتغيرها، لا محالة، تجاه كل حادث من حوادث الحياة.