نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 261
و في الكافي [1] عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر و خطب بخطبة ذكرها، يقول فيها: الا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيه (ص). و الذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة و لتغربلن غربلة، حتى يصير أسفلكم، و ليسبقن سابقون كانوا قد قصروا، و ليقصّرنّ سباقون كانوا قد سبقوا.
و روى النعماني أيضا [2] بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال فيه: فو الذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، و حتى يسمي بعضكم بعضا كذابين، و حتى لا يبقى منكم «أو قال: من شيعتي» كالكحل في العين أو كالملح في الطعام. و سأضرب لكم مثلا، هو مثل رجل كان له طعام فنقّاه و طيّبه ثم أدخله بيتا و تركه فيه ما شاء اللّه. ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس، فأخرجه و نقاه و طيبه، ثم أعاده إلى البيت فتركه ما شاء اللّه. ثم عاد إليه، فإذا هو قد أصابته طائفة من السوس فأخرجه و نقّاه و طيّبه و أعاده. و لم يزل كذلك حتى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر لا يضره السوس شيئا.
و كذلك انتم تميزون حتى لا يبقى منكم إلا عصابة لا يضرها الفتنة شيئا.
و التمحيص هو التنقية و إبعاد الرديء، و الغربلة هي النخل بالغربال حتى تخرج الزوان، و هو الحب الغريب عن الحنطة يكون على شكلها و ليس منها.
و غربلة البشر تكون بقانون التمحيص الذي عرفناه. و غربالهم فيها هي الظروف الصعبة و الظلم الذي يعيشه الفرد و المجتمع من ناحية و الشهوات و المغريات و المصالح الضيقة، من ناحية أخرى. «و سيخرج من الغربال خلق كثير» بمعنى أن أكثر البشر يتبعون الباطل و ينحرفون مع الشهوات و المصالح أو مع الظالمين المنحرفين. فيصبحون «حثالة قد مرجت [3] عهودهم و أماناتهم» و المراد بها الدين و الالتزام بالإسلام و ما تستتبعه من خلق كريم و سلوك مستقيم.
و تبقى في نتيجة التمحيص الطويل «عصابة لا تضرها الفتنة شيئا» لأنهم