نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 226
ليلتزموا بهذه العقائد بطبيعة الحال. و معنى ذلك أن موسى و عيسى (عليهما السلام) لم يوضحا بصراحة التجرد الكامل و التوحيد المحض للّه عز و جل، مواكبة مع المستوى العقلي و الثقافي للبشرية في تلك العصور.
الجانب الثاني:
إن فكرة الدعوة العالمية التي قام عليها الإسلام، لم يكن ليسيغها المجتمع الذي كان يرزح في عواطف قبلية و عنصرية و قومية، لمدة عدة مئات من السنين.
و من هنا جاءت فكرة «شعب اللّه المختار» و اختصاص الدعوتين اليهودية و المسيحية في أنظار المؤمنين بها ببني إسرائيل دون سائر الناس.
الجانب الثالث:
إن فكرة الدولة النظامية التي جاء بها الاسلام و مارسها الرسول الأعظم (ص)، و حاول تطبيقها من جاء بعده إلى الحكم من الخلفاء. أن هذه الفكرة لم يكن ليفهمها الناس قبل الإسلام، بأي حال، كيف و هم يعيشون الجو القبلي و العنصري، حتى أن الملوكية في تلك العصور كالسلطة الفرعونية أو القيصرية، لم تكن إلا توسيعا لفكرة السلطة القبلية و الاقطاع الذي يدعي لنفسه ملكية الأراضي و الفلاحين جميعا، و هم يمثلون الأعم الأغلب من الشعب يومئذ.
و من هنا لم يكن في الامكان أن تتكفل الديانات السابقة بإيجاد النظام الاداري أو الحكومي، بأي حال. و إنما كان الأنبياء و أوصياؤهم يضطلعون بقيادة شعوبهم بشكل فردي مع الحفاظ على السلطة الدنيوية في عصورهم.
الجانب الرابع:
أننا نجد في الإسلام دقة في فهم الأحكام و في تنظيمها، في العبادات و المعاملات و العقوبات و الأخلاق، ما لا يكاد يفقهها الناس السابقون ... كما يتجلى ذلك بوضوح لمن راجع الأحكام الاسلامية المعروضة في الكتاب الكريم و السنة الشريفة، و اطلع أيضا على تفاصيل الأحكام المعروضة في التوراة و الانجيل، و توفر للمقارنة بينهما.
إذن، فكيف تصلح الشرائع السابقة، لأن تكون هي الأطروحة العادلة الكاملة ... و كيف يصلح أهل العصور الأولى لتعقل هذه الأطروحة المتمثلة
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 226